بالمنفي كما ذهب إليه الآخرون ، ليس من باب الترجيح لوجهين :
أ. أنّا نعمل بالناقل على أنّه ناسخ ، والعمل بالناسخ ليس من باب الترجيح.
ب. لو كان العمل بالناقل ترجيحا لوجب العمل بالآخر لولاه ، لأنّه حكم كل خبرين رجح أحدهما على الآخر. ومعلوم أنّه لو لا الناقل لكنّا عاملين بموجب الخبر الآخر لدلالة العقل لا للخبر. (١)
واعترض على أ. بأنّ النسخ يلزم لو علمنا تأخّر الناقل لكنّا لا نقطع بذلك ، بل نقول : الظاهر بآخره مع جواز خلافه ، فهو حينئذ داخل في باب الأوّل ، وهذا ترجيح.
وعلى ب. بأنّه لو لا الناقل لعلمنا بالآخر لأجله ، لأنّا نجعله حكما شرعيا ، ولهذا لا يصحّ رفعه إلّا بما يصحّ النسخ به ، ولو لا صيرورته شرعيا بعد ورود الخبر ، وإلّا لما كان كذلك.
* * *
[الوجه] الثاني (٢) : إذا كان أحد الخبرين يقتضي الإثبات والآخر النفي وكانا شرعيّين ، قال القاضي عبد الجبار : إنّهما سواء. وضرب لذلك أمثلة ثلاثة :
__________________
(١) في المحصول : ٢ / ٤٦٦ العبارة كما يلي : ومعلوم أنّه لو لا الخبر الناقل لكنّا إنّما نحكم بموجب الخبر الآخر لدلالة العقل ، لا لأجل الخبر.
(٢) الوجه الثاني من وجوه التراجيح العائدة إلى الحكم.