أ. إذا اقتضى العقل حظر الفعل ، ثمّ ورد خبران أحدهما في إباحته والآخر في وجوبه.
ب. أن يقتضي العقل وجوب الفعل ، ثمّ يرد خبران أحدهما يدلّ على الحظر والآخر على الإباحة.
ج. أن يقتضي العقل إباحة الفعل ، ثم يرد خبران أحدهما يقتضي الوجوب والآخر الحظر.
قال أبو الحسين : لقائل أن يقول لا بد وأن يكون أحدهما مطابقا لحكم العقل ، إذ كلّ فعل له في العقل له حكم الحسن أو القبح أو ما زاد على الحسن ، ولا يكون أحد الخبرين نفيا والآخر إثباتا إلّا والنفي منهما نفي لواحد من الأحكام ، والإثبات منهما إثبات لبعضها. (١)
وقال فخر الدين الرازي : هذا يستقيم على مذهبنا في أنّ العقل لا يستقلّ بشيء من الأحكام إثباتا ونفيا ، بل إنّما يستفاد ذلك من الشرع فحينئذ لا مزية لأحدهما على الآخر. ولا يتمّ على مذهب المعتزلة ، لأنّ كلّ نفي وإثبات تواردا على حكم واحد فلا بدّ وأن يكون أحدهما عقليا.
فإنّ الإباحة تشارك الوجوب في جواز الفعل ، وتخالفه في جواز الترك ؛ وتشارك الحظر في جواز الترك وتخالفه في جواز الفعل. فهي تشارك كلّ واحد من الوجوب والحظر بما به تخالف الآخر. وإذا تقرر هذا فنقول : إذا اقتضى العقل الحظر اقتضى جواز الترك لصدق جائز الترك على المحظور ،
__________________
(١) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ١٨٤.