فإذا ورد خبر الإباحة والوجوب كانت الإباحة منافية للوجوب من حيث إنّها تقتضي جواز الترك ، لا من حيث إنّها تقتضي جواز الفعل. وجواز الترك حكم عقلي ، فثبت أنّه لا بدّ في النفي والإثبات هنا من كون أحدهما عقليا.
وأمّا إذا اقتضى العقل الوجوب ثمّ ورد خبران في الحظر والإباحة فالكلام فيه كما تقدم.
وأمّا إذا اقتضى العقل الإباحة ثمّ ورد خبران في الوجوب والتحريم ، فنقول : ثبت أنّ الإباحة تشارك كلّا من الوجوب والتحريم بما به تخالف الآخر ، فإذا كانت الإباحة مقتضى العقل لزم أن يكون الوجوب مقررا للحكم العقلي من وجه ، وناقلا من آخر. وكذا التحريم فهنا أيضا لا بدّ في النفي والإثبات المتواردين على أمر واحد من أن يكون أحدهما عقليا ، وإذا ثبت أنّ النفي والإثبات لا بدّ وأن يكون أحدهما عقليا رجع الترجيح إلى ما تقدّم من أنّ الناقل أرجح أم المبقي. (١)
وفيه نظر ، لأنّ الإباحة بالمعنى الأخص منافية لكلّ من الحظر والوجوب ، وهي المراد بالحكم الشرعي.
تذنيب
إذا اقتضى العقل الحظر ثمّ ورد خبران بالإباحة والوجوب ، وقد عرفت مشاركة الإباحة للحظر من وجه ومخالفتها له من آخر ، فخبر الإباحة يقتضي
__________________
(١) المحصول : ٢ / ٤٦٦ ـ ٤٦٧.