بقاء حكم العقل من وجه هو الّذي حصلت به المشاركة ، والنقل من وجه هو الذي حصلت به المباينة. وأمّا الوجوب فإنّه يخالف الحظر في القيدين معا ، فيكون مقتضيا للنقل من وجهين فمن رجّح الناقل رجّح خبر الوجوب ، ومن رجّح المقرر رجّح خبر الإباحة.
وكذا القول لو اقتضى العقل الوجوب ثمّ ورد خبران بالإباحة والحظر. وأمّا لو كان مقتضى العقل الإباحة ثمّ ورد خبران بالوجوب والتحريم وكلّ منهما يشارك الإباحة من وجه دون آخر ، فيكون كلّ منهما ناقلا من وجه ومقررا من آخر ، فيحصل التساوي.
قال أبو الحسين (١) : وقد مثل قاضي القضاة الخبرين الوارد أحدهما بالإثبات والآخر بالنفي بما روي أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صلّى في الكعبة وما روي : أنّه لم يصل ، وما روت أم سلمة أنّه لم يقبّلها وهو صائم وما روت عائشة أنّه قبّلها وهو صائم ، قال : وليس هذا بمثال للمسألة ، لأنّ القبلة والصلاة ونفيهما أفعال لا أحكام فيقال إنّها عقلية أو شرعية وإنّما الأحكام جواز الصلاة ونفي جوازها ، والعقل لو تجرّد لكان مطابقا لنفي جوازها لأنّها (٢) غير مصلحة ، وكون القبلة غير مفسدة للصوم هو مقتضى العقل ، وكذا تزويج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ميمونة وهو حلال أو حرام هو إيقاع فعل في أحوال ، وليس ذلك بحكم وإنّما الحكم هو حسن ذلك مع الإحرام أو قبحه ، ومقتضى العقل هو حسنه ، هذا إذا كان هو الأصل في العقل.
__________________
(١) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ١٨٤.
(٢) في «أ» و «ب» : فإنّها.