ذلك السبب ، فالوارد عليه أقوى ، لكونه أخصّ به ؛ ولأنّ محذور المخالفة فيه أشد من حيث اشتماله على تأخير البيان عن وقت الحاجة. وإن تعارضا في غيره فالمطلق أولى ، لأنّ عمومه أقوى من عموم مقابله لاستوائهما في صيغة العموم ، وحصول الشك بتخصيص ما ورد على الواقعة بها نظر إلى بيان ما دعت الحاجة إليه وإلى أصالة مطابقة ما ورد في معرض البيان لما نسب إليه الحاجة وللخلاف فيه.
الخامس : أن يكون أحدهما قد وردت به المخاطبة على سبيل الإخبار بالوجوب أو التحريم أو غيره كما في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ)(١) ، أو في معرض الشرط والجزاء كقوله تعالى : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)(٢) ، والآخر وردت به المخاطبة شفاها كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ)(٣) ، (يا أَيُّهَا النَّاسُ)(٤) ، فإن تقابلا في حق من وردت المخاطبة إليه شفاها فخطاب المشافهة أولى ، وإن كان بالنظر إلى غيره من وردت المخاطبة إليه شفاها كان الآخر أولى لما تقدّم من أولوية العام المطلق على الوارد على السبب. ولأنّ الشفاهي إنّما هو للحاضرين وتعميمه بالنسبة إلى غيرهم إنّما هو بالنظر إلى دليل آخر إمّا من إجماع الأمّة على عدم التفرقة ، أو من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «حكمي على الواحد حكمي على الجماعة».
__________________
(١) المجادلة : ٣.
(٢) آل عمران : ٩٧.
(٣) البقرة : ١٧٨ و ١٨٣.
(٤) البقرة : ٢١ و ١٦٨ ، و...