روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإنّي قد جعلته عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنّما استخفّ بحكم الله وعلينا ردّ ، والرّاد علينا رادّ على الله وهو على حدّ الشرك بالله».
قلت : فإن كان كلّ رجل اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا النّاظرين في حقّهما واختلفا فيما حكما ، وكلاهما اختلفا في حديثكم؟ قال عليهالسلام : «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر».
(إلى أن قال) : قلت : جعلت فداك ، أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامّة والآخر مخالفا لهم ، بأيّ الخبرين يؤخذ؟
قال عليهالسلام : «ما خالف العامّة ففيه الرّشاد». (١) وفي المقبولة إرشاد إلى كيفيّة استنباط الحكم من الكتاب والسنّة ، وعلاج الخبرين المتعارضين بعرضهما عليهما ، وهذا واضح لمن تأمّلها ، وهي صريحة بوجود الاجتهاد ـ بالمعنى الدارج في زماننا ـ في عصر الصادق عليهالسلام.
التاسعة : روى العباس بن هلال عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام ، قال : ذكر أنّ ابن أبي ليلى وابن شبرمة دخلا المسجد الحرام فأتيا محمّد بن علي عليهالسلام فقال لهما : «بم تقضيان»؟ فقالا : بكتاب الله والسنّة ، قال عليهالسلام : «فما لم تجداه في
__________________
(١) الوسائل : ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.