الاحتياط أو الرجوع الى الغير ، والأوّل غير واجب باتفاق الكلّ أو حرام لاستلزامه العسر والحرج ، وجواز الثاني موقوف على تحقّق موضوعه وهو كونه غير عالم أو جاهل سواء كان مستند التّقليد ما ورد في الآيات والروايات من الرجوع إلى أهل الذكر والعلم ، أم السيرة العقلائية ، فإنّ الموضوع على كلّ تقدير هو غير العارف والجاهل ، فلا يعمّ العالم.
وأمّا الثاني : فإن كان هناك من هو أفقه منه ـ أو على تعبير القوم ـ أعلم منه ، فإن قلنا بوجوب الرجوع إليه فلا يجوز الرجوع إلى المتجزّي في المقام ، بلغ ما بلغ من العلم ، وإلّا فلا مانع من الرجوع إليه ، ويكون المتجزّي والمطلق في جواز الرّجوع سيّان.
نعم ، ربّما يكون رأي المتجزّي أقرب إلى الواقع من المطلق ، كما إذا بذل جهده في باب أو أبواب مترابطة سنين ، وبرز وبرع وظهرت مقدرته فيه أو فيها ، وإذا كانت الفقاهة أمرا قابلا للتفصيل فهذا المتجزّي أكثر فقاهة من المطلق الّذي صرف عمره في جميع الأبواب ، ولم يتوفّق للدّقة والإمعان في كلّ باب بحسبه.
وقد مضى أنّ مبادئ الاستنباط في العبادات غيرها في المعاملات ، وأنّ كلا يحتاج إلى شيء لا يحتاج إليه الآخر ، بل يحتاج إلى أمر آخر ، فلا مانع أن يكون رأي المتجزّي الملمّ في العبادات مثلا أقرب إلى الواقع من المطلق الملمّ في جميع أبواب الفقه إلّا أنّه لم تظهر الدقّة والبراعة القويتين منه.
فإن قلت : قد مضى أنّ المقبولة والمشهورة المتقدّمتين غير آبيتين عن