الرجوع إلى المتجزّي إذا استنبط مقدارا معتدّا به من الأحكام ، وجاز قضاؤه ونفذ حكمه ، فلما ذا لا يجوز أخذ الفتوى منه؟
قلت : إنّ مورد الروايتين هو القضاء والحكومة وهما غير أخذ الفتوى ، وعدم اشتراط الاجتهاد المطلق فضلا عن الأعلمية في نفوذ القضاء ، لا يكون دليلا على عدم اشتراطهما في الفتوى ، ضرورة أنّ اشتراط الأعلمية في القاضي موجب لسد باب القضاء في وجه الأمّة إلّا في بلد يعيش فيه الأعلم ، وهو واضح البطلان بخلاف اشتراطهما في أخذ الفتوى أو المفتي ، فإنّ فتواه تكفي لجميع الأمّة.
وأمّا الثالث فالحق هو : صلاحيّة المتجزّي للقضاء إذا استنبط شيئا معتدّا به ، وإن قصرت يده عن معضلات المسائل ، فإنّ أهمّ ما يدلّ على شرطية الاجتهاد المطلق هو قوله عليهالسلام في المقبولة : «نظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا» إلّا أنّه وارد في قبال المنع عن الرجوع إلى حكام الجور وقضاتهم ، بمعنى وجوب الرجوع إلى من كان نظر في حلالهم وحرامهم وعرف أحكامهم عليهمالسلام ، لا إلى من نظر في حلال الآخرين وحرامهم وعرف أحكامهم التي هي مقابل أحكامهم عليهمالسلام ، وعليه فمن استنبط شيئا معتدّا به من الحلال والحرام والأحكام ، كان مصداقا لقوله عليهالسلام : «نظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا».
وبذلك يعلم حال المشهورة الأولى لأبي خديجة حيث جاء فيها : «قد عرف حلالنا وحرامنا» ، فإنّ هذه الجملة وما في المقبولة ـ من قوله عليهالسلام : «قد