إذا عرفت ما ذكرناه ، فاعلم أنّه يظهر من الشيخ أنّ أكثر المتكلّمين والفقهاء من غير الشيعة على التصويب وأنّ المخالف منهم بشر المريسيّ وأبو بكر الأصمّ ، والأباضيّة والظّاهريّة (١).
قال رضى الله عنه : «ذهب أكثر المتكلّمين والفقهاء إلى أنّ كلّ مجتهد مصيب في اجتهاده وفي الحكم ، وهو مذهب أبي علي وأبي هاشم وأبي الحسن (الأشعري) وأكثر المتكلّمين ، وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه فيما حكاه أبو الحسن عنهم.
وقد حكى غيره من العلماء عن أبي حنيفة.
وذهب الأصمّ (٢) وبشر المريسيّ (٣) إلى أنّ الحقّ في واحد من ذلك وهو ما يقولون به وأنّ ما عداه خطأ ، حتى قال الأصمّ : إنّ حكم الحاكم ينقض به ويقولون : إنّ المخطئ غير معذور في ذلك إلّا أن يكون خطاؤه صغيرا وإنّ سبيل ذلك سبيل الخطأ في أصول الدّيانات.
وذهب أهل الظاهر ـ فيما عدا القياس من الاستدلال وغيره ـ أنّ الحقّ
__________________
(١) الظاهرية : أتباع داود بن عليّ الأصفهاني الظاهري (٢٠٠ ـ ٢٧٠ ه) وما أسّسه من المذهب يرتبط بالفروع والأحكام لا العقائد والأصول ، فالمصدر الفقهيّ عنده هو النّصوص ، بلا رأي في حكم من أحكام الشرع ، فهم يأخذون بالنّصوص وحدها ، وإذا لم يكن النصّ أخذوا بالإباحة الأصليّة. (بحوث في الملل والنّحل : ٣ / ١٣٧ ـ ١٣٨).
(٢) هو عبد الرحمن بن كيسان ، أبو بكر الأصم المعتزليّ الأصولي المفسّر ، كان يخطّئ عليا عليهالسلام في كثير من أفعاله ويصوب معاوية في بعض أفعاله. توفّى نحو ٢٢٥ ه. الأعلام : ٣ / ٣٢٣.
(٣) هو بشر بن غياث المريسيّ ، فقيه معتزليّ وهو رأس الطائفة المريسيّة القائلة بالإرجاء وإليه نسبتها وأوذي في دولة هارون الرّشيد ، توفّي عام ٢١٨ ه. الأعلام : ٢ / ٥٥.