من ذلك في واحد ، وأمّا الشافعيّ فكلامه مختلف في كتبه ...
ـ إلى أن قال رضى الله عنه : ـ والذي أذهب إليه وهو مذهب جميع شيوخنا المتكلّمين من المتقدّمين والمتأخّرين وهو الّذي اختاره سيّدنا المرتضى (قدّه) وإليه كان يذهب شيخنا أبو عبد الله ، أنّ الحقّ في واحد». (١)
ويظهر من الغزالي أنّ مورد النزاع في التصويب والتخطئة هو الواقعة التي لا نصّ فيها ، وليس لله سبحانه فيها حكم معيّن بل الحكم يتبع الظنّ قال : وقد اختلف الناس فيها واختلفت الرواية عن الشافعيّ وأبي حنيفة ، وعلى الجملة قد ذهب قوم إلى أنّ كلّ مجتهد في الظنّيات مصيب ، وقال قوم : المصيب واحد ، واختلف الفريقان جميعا في أنّه هل في الواقعة التي لا نصّ فيها حكم معيّن لله تعالى هو مطلوب المجتهد ، فالّذي ذهب إليه محقّقو المصوّبة أنّه ليس في الواقعة التي لا نصّ فيها حكم معيّن يطلب بالظنّ بل الحكم يتبع الظنّ وحكم الله تعالى على كلّ مجتهد ما غلب على ظنّه وهو المختار وإليه ذهب القاضي.
وذهب قوم من المصوبة إلى أنّ فيه حكما معيّنا يتوجّه إليه الطّلب إذ لا بدّ للطلب من مطلوب ، لكن لم يكلّف المجتهد إصابته ، فلذلك كان مصيبا وإن أخطأ ذلك الحكم المعيّن الذي لم يؤمر بإصابته بمعنى أنّه أدّى ما كلّف فأصاب ما عليه. (٢)
__________________
(١) عدة الأصول : ٢ / ١١٣ و ١١٤.
(٢) المستصفى : ٢ / ٣٦٣.