الأوّل : إنّ القدر المتيقّن من القول بالتصويب هو الأحكام التي لم يرد فيها نصّ وعوّل أمرها إلى المجتهدين ، وبما أنّه ليس فيها واقع محفوظ ، يكون الكلّ مصيبا كالأحكام الحكوميّة.
الثاني : إنّه من المحتمل جدّا أنّ المراد من التصويب هو نفي الإثم عن المجتهد ، لا إصابة الواقع.
نعم ، ما ذكره الشوكاني ربما لا ينطبق على بعض تعبيراتهم ، وعلى كلّ تقدير فالتصويب بالمعنى المشهور باطل عند الإمامية لتضافر الروايات على أنّ حكم الله مشترك بين العالم والجاهل (١).
ثمّ إنّ الدّاعي إلى القول بالتصويب هو الإشكال الموجود في الجمع بين الأحكام الواقعيّة والأمارات الظنّية التي ثبتت حجيّتها ، مع العلم بأنّ بعضها على خلاف الحكم الواقعي ، فزعموا أنّه لا بدّ من رفع اليد عن إطلاقات الأدلّة القائلة بعدم اختصاص مداليلها بالعالمين بل شمولها للجاهلين ، وإلّا لزم اجتماع الضدّين وتفويت المصلحة أو الإبقاء في المفسدة ، وقد أوضحنا الحال في باب الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري وأنّ المفاسد كلّها خطابيّة كانت أو ملاكيّة ، مرتفعة ، فلاحظ.
__________________
(١) قيل : لا تضافر فضلا عن التواتر الذي ادّعاه الشيخ الأنصاريّ رضى الله عنه (١ / ١٤٤) في الرّوايات والآثار على نحو الدلالة المطابقيّة ، ولم ترد على ذلك رواية واحدة ـ بعد الفحص ـ نعم هو مفاد الرّوايات الآمرة بالتوقف والاحتياط على نحو الدّلالة الالتزامية ، فإنّها دالة على وجود حكم واقعي لكلّ مسألة ، وأنّ الأمر بالاحتياط إنما هو لأجل التحفظ عليه وعدم الوقوع في مخالفته.