والجواب عن الأخيرين هو : أنّ تقويم دية النفس بالأنعام أو الحلل ، لم يكن لخصوصية فيها دون غيرها ، بل لأجل انّ قلّة وجود النقدين كانت سببا لتعامل الناس بالأجناس فكان الثمن أيضا جنسا كالمثمن ولمّا كثر الورق ، قسّمها الإمام على الورق.
وهذا يعرب عن أنّ الدية الواقعية هو قيمة هذه الأنعام والحلل ، لا أنفسها بما هي هي ، بنحو لو أدى قيمتها لما أدّى الدية الواقعية.
ولو صحّ ذلك فلا فرق عندئذ بين النقدين والعملة الرائجة في البلاد هذه الأيام ، إذ الغرض أداء قيمة النفس بأشكالها المختلفة.
١٦. روى الحلبي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألت عن الوباء يكون في ناحية المصر فيتحول الرجل إلى ناحية أخرى ، أو يكون في مصر فيخرج منه إلى غيره؟
فقال : «لا بأس إنّما نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ذلك لمكان ربيئة كانت بحيال العدو فوقع فيهم الوباء فهربوا منه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الفارّ منه كالفار من الزحف كراهية أن تخلو مراكزهم» (١).
فدلّ الحديث على أنّ النهي كان بملاك خاص ، وهو انّ الخروج كان سببا لضعف النظام الإسلامي وإلّا فلا مانع من أن يخرجوا منه بغية السلامة.
__________________
(١) الوسائل : ٢ ، الباب ٢٠ من أبواب الاحتضار ، الحديث ١.