أيضا وعمّا يضادّها.
وبيان ذلك ، أنّه حيث قيّد النفوس البله بالّتي لم تكتسب الشوق ، وأراد بالشوق الشوق إلى الكمال الخاصّ بالنفس الإنسانيّة ، وقد فسّره فيما سبق بأنّه أن تصير النفس عالما عقليّا مرتسما فيه صور الكلّ ، أي الكمال من جهة القوّة النظريّة ، يستفاد منه أنّ النفوس البله ، هي التي تكون خالية عن الكمال العلميّ وعمّا يضادّه ، وأنّها لو اكتسبت كمالا عمليّا أو ما يضادّه ، أي ما هو بحسب القوّة العمليّة ، فلا ينافي ذلك كونها نفوسا ساذجة خالية عن الكمال العلميّ وعمّا يضادّه ، ولأجل ذلك قسّم النفوس البله إلى قسمين : قسم هو كان غير مكتسب للهيئات الرديّة ، وقسم كان مكتسبا للهيئات البدنيّة الرديّة ، التي أراد بها هيئة الإفراط والتفريط ، كما يدلّ عليه كلامه آنفا. وحينئذ فلا يرد عليه أنّ النفوس البله إذا كان معناها النفوس الخالية عن الكمال وعمّا يضادّه ، فكيف تكون مكتسبة للهيئات الرديّة البدنيّة التي هي مضادّة للكمال العمليّ؟
إلّا أنّه يرد عليه أنّ هاهنا قسما آخر ينبغي أن يذكره ويبيّن حاله ، وهو لم يتعرّض له ، وهو أن تكون قد اكتسبت الهيئة الفاضلة الملائمة الموافقة البدنيّة ، أي هيئة التوسّط مع كون هؤلاء أحسن حالا من الذين لم يكتسبوا الهيئات الرديّة أصلا ، وقد تعرّض لبيان حالهم.
ويمكن دفع هذا الايراد عنه أيضا بأنّ هذا القسم لعلّه داخل تحت قوله : «وكانت غير مكتسبة للهيئات الرديّة» فإنّ عدم الاكتساب للهيئات الرديّة أعمّ من أن يكون هناك اكتساب للهيئات الفاضلة أم لا.
ثمّ إنّ هذا التخصيص كما أنّه هو مفاد كلام الشيخ ، كذلك هو مفاد كلام ذلك البعض من العلماء الذي نقل كلامه هنا ، حيث إنّه أيضا في قوله : «إنّ النفوس البله إذا فارقوا الأبدان ، ولم يكن لهم معنى جاذب إلى الجهة التي هي فوقهم ، لا كمال فيسعدوا تلك السعادة ، ولا شوق كمال فيشقوا تلك الشقاوة الخ» أراد هذا المعنى الذي يفهم من كلام الشيخ ، وهو أنّ النفوس البله هم الذين ليس كمال من جهة القوّة النظريّة ولا شوق إليه ، فيفهم منه أيضا أنّ النفوس البله هي النفوس الخالية عن الكمال العلميّ وما يضادّه.