العقليّة لهم كذلك ، دلّا على حصول الشقاوة الحسّيّة لهم أيضا ، كما هو مدلول أكثر الآيات والأخبار ، وليس تلك الشقاوة من جنس الشقاوة الدنيويّة ، بل أشدّ منها بكثير ، والحال أنّ إدراك النفس للسعادة والشقاوة الحسّيّتين يحتاج إلى آلة بدنيّة البتّة ، ولذلك قال الشيخ في النفوس الساذجة بتعلّقها بجرم سماويّ ليكون ذلك موضوعا لتخيّلاتهم وإدراكهم لتلك السعادة والشقاوة الحسّيّتين ، فلم أهمل بيان ذلك وهو محتاج إلى البيان البتّة؟
ثمّ إنّ ما ذكرت : أنّ الشيخ حيث قبل المعاد الجسمانيّ من الشرع ، فقد أشعر بذاك البيان كما نطق به الشرع ، محلّ نظر ، لأنّه إنّما قبل المعاد الجسمانيّ من الشرع ، وظاهر ذلك أنّه قبل تعلّق النفس ببدن حين البعث كما نطق به الشرع لا من حين المفارقة إلى حين البعث أيضا ، أي في عالم البرزخ ، فإنّه لا إشعار لذلك القبول ببيان حال النفس في عالم البرزخ ، كما نطق به الشرع. وعلى تقدير التسليم فما نطق به الشرع في ذلك العالم إنّما هو التعلّق ببدن مثاليّ روحانيّ ، كما سنبيّن ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى ، لا التعلّق بغير ذلك من الأبدان ولا التجرّد عن الأبدان مطلقا.
والشيخ لو كان قائلا بذلك البدن المثاليّ ، لكان قائلا به في النفوس الساذجة التي هي على رأيه لا بدّ لها من جسم تتعلّق به في إدراكاتها ، ولم يقل بالبدن المثاليّ فيها ، مع أنّ القول به فيها لا مانع منه ، كما سيتّضح ذلك من بعد ، وأنّ ما قال به فيها واضح البطلان ، كما عرفت.
وحينئذ فهو مع إهماله لبيان ما هو الغرض المهمّ هنا ، يظهر منه أنّه غير قائل بما نطق به الشرع في بيان حال النفوس مطلقا في عالم البرزخ من حيث التعلّق ببدن مثاليّ ، ويلزم منه مخالفته للشرع مع ادّعائه أنّه مصدّق به ، كما يلزم مخالفة الشرع على الذين قالوا بالمعاد الروحانيّ ولم يقولوا بالجسمانيّ مطلقا ، من جهة بيان حال النفوس في عالم البرزخ وحين البعث جميعا ، وإن كانت مخالفته للشرع أقلّ من مخالفتهم له ، وكأنّ منشأ ذلك قلّة الاعتناء والمبالاة بالشرع الشريف ، أو الغفلة عنه مع ظهوره. نعوذ بالله تعالى من ذلك. وإن احتمل أن يكون لذلك وجه آخر لم نعلم.
وقد يحكى عن بعض علمائنا ما مضمونه أنّه رأى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام ، فسأله