في أرواح المؤمنين؟ قلت : يقولون : تكون في حواصل طيور خضر في قناديل تحت العرش! فقال أبو عبد الله عليهالسلام : سبحان الله ، المؤمن أكرم على الله من ذلك ، أن يجعل روحه في حوصلة طائر أخضر. يا يونس ، المؤمن إذا قبضه الله تعالى صيّر روحه في قالب كقالبه في الدنيا فيأكلون ويشربون ، فإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا. (١)
وعن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن أرواح المؤمنين ، فقال : في الجنّة على صور أبدانهم ، لو رأيتهم لقلت فلان. (٢)
إلى غير ذلك من الأحاديث التي رواها علماؤنا ، وقد نقلنا جملة منها في صدر الرسالة.
وقد قال بعض العلماء المتبحّرين من المتأخّرين (٣) في شرحه على التهذيب : إنّ هذه الأخبار تدلّ على انتقال الأرواح إلى الأجساد المثالية ، وبه يستقيم كثير من الآيات والأخبار الواردة في أحوال الروح بعد مفارقة البدن ، وقد وردت به أخبار كثيرة ، ولا مانع عن القول به ، وليس هذا من التناسخ في شيء ، مع أنّ التناسخ لم يتمّ دليل عقليّ على امتناعه ، ولو تمّت لا يجري أكثرها فيما نحن فيه ، والعمدة في نفيه إجماع المسلمين وضرورة الدين ، ومعلوم أنّ هذا غير داخل فيما انعقد الإجماع والضرورة على نفيه ، كيف وقد قال به كثير من المسلمين ، كشيخنا المفيد قدّس الله روحه وغيره من علمائنا المتكلّمين المحدّثين ، بل لا يبعد القول بتعلّق الأرواح بالأجساد المثاليّة عند النوم أيضا ، كما يشهد به ما يرى في المنام ، وقد وقع في الأخبار تشبيه حالة البرزخ وما يجري فيها بحالة الرؤيا وما يشهد فيها.
قال الشيخ البهائيّ قدّس الله روحه : «قد يتوهّم أنّ القول بتعلّق الأرواح بعد مفارقة أبدانها العنصريّة بأشباح أخر ـ كما دلّت عليه الأحاديث ـ قول بالتناسخ ، وهذا توهّم
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١ / ٤٦٦.
(٢) تهذيب الأحكام ١ / ٤٦٦ وفيه : ... لو رأيته لقلت : ...
(٣) هو المحدّث الجليل المولى محمّد باقر المجلسيّ (ره) منه.