الحيوانيّة التي هي أيضا جسم رقيق ، وهي ما به الارتباط بين الروح الإنسانيّة التي بيّنّا أنّها جوهر مجرّد عن المادّة وبين البدن ، وهي أيضا من الأجزاء الأصليّة البدنيّة كما ذكرنا سابقا ، وكذا تأويله بأنّه ببقاء ذلك الجسم الرّقيق يبقى ذلك الجوهر المجرّد أيضا الذي دلّ الدليل العقليّ والنقليّ على بقائه ، وأنّه بولوج ذلك الجسم الرّقيق في البدن مرّة أخرى ، يعود تعلّق ذلك الجوهر المجرّد به وبالبدن كما كان أوّلا ، وبه يحصل المعاد الجسمانيّ.
وبالجملة ، فمضمون هذا الحديث من هذه الجهة ، ليس منافيا لما نحن بصدده ، بل يؤيّده.
وقد عرفت أيضا هنالك ، أنّ في هذا الحديث الشريف من جهة تضمّنه لقوله عليهالسلام : «كلّ ذلك في التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرّة الخ».
وقوله عليهالسلام : «فإذا كان حين البعث مطرت الأرض مطر النشور الخ» تفسير كثير من الآيات القرآنيّة ، مثل قوله تعالى :
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (١).
وقوله تعالى : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ) (٢).
وقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٣).
إلى غير ذلك من الآيات ، فتذكّر.
وبعد تمهيد تلك المقدّمات ، نقول : إنّك إذا علمت أنّ النفس الإنسانيّة بدنيّة محتاجة إلى بدن عنصريّ.
__________________
(١) سبأ (٣٤) : ٣.
(٢) فاطر (٣٥) : ٩.
(٣) الأعراف (٧) : ٥٧.