كثيرة صريحة ، وفي الآيات القرآنيّة أيضا دلالة عليه.
قال الشيخ الصدوق ابن بابويه عليه الرحمة في «اعتقاداته» : «اعتقادنا في الصراط أنّه حق ، وأنّه جسر جهنّم ، وأن عليه يمرّ جميع الخلق ، قال الله عزوجل : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) (١) والصراط في وجه اسم حجج الله ، فمن عرفهم في الدنيا وأطاعهم أعطاه الله جوازا على الصراط الذي هو جسر جهنّم يوم القيامة. وقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لعليّ عليهالسلام : يا عليّ ، إذا كان يوم القيامة أقعد أنا وأنت وجبرئيل على الصراط ، فلا يجوز على الصراط إلّا من كانت معه براءة بولايتك» (٢) ، انتهى.
وقال الشارح القوشجيّ في شرح التجريد : وأمّا الصراط فقد ورد في الحديث الصحيح أنّه جسر ممدود على متن جهنّم ، يرده الأوّلون والآخرون ، أدقّ من الشعر وأحدّ من السيف ، ويشبه أن يكون المرور عليه هو المراد من ورود كلّ أحد النار ، على ما قال تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) (٣) وأنكره القاضي عبد الجبّار وكثير من المعتزلة زعما منهم أنّه لا يمكن الخطور (٤) عليه ، ولو أمكن ففيه تعذيب ولا عذاب على المؤمنين والصّلحاء يوم القيامة. قالوا : بل المراد طريق الجنّة المشار إليه بقوله تعالى : (سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) (٥) وطريق النار المشار إليه بقوله تعالى : (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) (٦).
وقيل : المراد الأدلّة الواضحة. وقيل : العبادات كالصلاة والزكاة وغيرهما. وقيل : الأعمال الرديّة التي يسأل عنها ويؤاخذ بها ، كأنّه يمرّ عليها ، ويطول المرور لكثرتها ويقصر لقلّتها.
والجواب ، أنّ إمكان العبور ظاهر ، كالمشي على الماء والطيران في الهواء ، غايته أنّه مخالفة العادة ، ثمّ الله تعالى يسهّل الطريق على المارّين ، كما جاء في الحديث أنّ منهم من
__________________
(١) مريم (١٩) : ٧١.
(٢) الاعتقادات / ٨٧ ، الطبعة الحجريّة.
(٣) مريم (١٩) : ٧١.
(٤) الخطور أي العبور.
(٥) محمّد (٤٧) : ٥.
(٦) الصافّات (٣٧) : ٢٣.