إنسان يوم القيامة كتابه وصحيفة عمله (كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً) ، ويكلّف هو بقراءة ما فيه ، وبما فعله من خير أو شرّ ، فيقرأه ويعلم ما فعله ويعترف به ، ويكون هو حسيبا على نفسه ، وإنّه يكون ذلك الكتاب للأبرار منهم والسّعداء في علّيّين.
ومعناه كما ذكره المفسّرون : أنّ ما كتب من أعمالهم يكون في علّيّين ، أي في ديوان الخير الذي دوّن فيه كلّ ما عمله المقرّبون والأبرار والمتّقون من الجنّ والإنس ، حيث إنّ علّيّين اسم ذلك الدّيوان وعلمه ، وفيه معنى العلوّ ، سمّي بذلك إمّا لأنّه سبب الارتفاع إلى أعالي الدّرجات في الجنّة ، وإمّا لأنّه مرفوع في السّماء السّابعة تحت العرش حيث يسكن الكروبيّون ، ويشهد به قوله تعالى : (يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) (١).
وقيل : علّيّون اسم الجنة. وقيل : سدرة المنتهى. ويحتمل أن يكون معنى كونه في علّيّين كونه من جنس الأوراق والألواح العالية والصحف المكرّمة المرفوعة المطهّرة بأيدي سفرة كرام بررة.
وكذلك يؤتى ذلك الكتاب للسّعداء والأبرار بيمينهم ، حيث إنّ إعطاء الكتاب باليمين علامة الرضا والخلاص ، كما أنّ إعطاءه باليسار ووراء الظّهر علامة السّخط والهلاك.
أو لأنّ كتابهم لمّا كان من كتب الخيرات والحسنات التي يكنّى عنها باليمين ، فلذا يعطونه باليمين. أو لأنّهم حيث كانوا من أصحاب اليمين يؤتون كتابهم بها.
أو لأنّ كتابهم لمّا كان من كتب الخيرات وكان الملك الذي يكتب الخيرات والحسنات عند الترقوة اليمنى من الإنسان ، كما أنّ الملك الذي يكتب السيّئات عند التّرقوة اليسرى منه كما ورد به الأخبار ، فلذلك يعطى كتابهم بيمينهم.
وكذلك يكون ذلك الكتاب للفجّار في سجّين ، ومعناه كما ذكره المفسّرون أيضا : أنّ السجّين فيه معنى السّجن أي الحبس والضّيق ، ومعنى كونه فيه كونه في جبّ من جهنّم أو في ديوان الشّر الذي دوّن فيه أعمال الكفرة والفسقة من الجنّ والإنس ، أو لأنّه مطروح ،
__________________
(١) المطفّفين (٨٣) : ٢١.