الكلّ يحاسبون ويسألون عن الدين ، ومعنى أنّ من الخلق من يدخل الجنّة بغير حساب ، أنّهم يدخلون الجنّة بغير حساب وسؤال عن الذنب لا عن الدين أيضا ، وحينئذ فلا منافاة : على أنّه ذكر بعض المفسّرين ، كالشيخ الطبرسيّ رحمهالله في الجوامع في تفسير قوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) (١) هكذا : وقوله : «بغير حساب» في مقابلة «إلّا مثلها» معناه أنّ جزاء السّيئة له حساب وتقدير لا يزيد على المستحقّ ، وأمّا جزاء العمل الصالح فبغير تقدير وحساب ، بل هو زائد على المستحقّ ما شئت من الزيادة والكثرة» (٢) ، انتهى.
ولعلّ مراد ابن بابويه رحمهالله أيضا من قوله : «إنّ من الخلق من يدخل الجنّة بغير حساب» هذا المعنى ، وحينئذ فلا إشكال ولا منافاة أصلا.
وقد تضمّن ما نقلناه عنه أنّ في القيامة ، ولا سيّما حين وقوع الحساب ، يكون إنطاق الجوارح أيضا كما دلّ عليه الآيات التي ذكرها وغيرها ممّا ورد في الشّرع من ذلك ، ولا يخفى أنّه أيضا أمر ممكن في ذاته قد نطق به الشرع ، فيجب الإيمان به. وهذا أيضا من جملة الأمور والأحوال الكائنة في القيامة التي نروم بيانها هذا.
وقد ذكر المحقّق الطوسيّ رحمهالله في رسالة «المبدأ والمعاد» في بيان الحساب كلاما لا بأس بنقله.
قال : «فصل نهم در اشارت به حساب طبقات اهل حساب. در روز حساب مردمان سه طائفه اند : طائفه اى (يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) وايشان سه صنفند :
اوّل : سابقان واهل اعراف ، كه از حساب منزه اند. در خبر است كه چون درويشان را به حسابگاه برند ، وفرشتگان از ايشان حساب طلبند ، گويند چه به ما داده ايد ، تا حساب بازدهيم. خطاب حضرت عزت مى رسد كه نيك مى گويند ، شما را با حساب ايشان كار نيست. وخود خطاب با پيغمبر است در حق جماعتى (ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ
__________________
(١) غافر (٤٠) : ٤٠.
(٢) جوامع الجامع / ٤١٩.