«يحشر النّاس على نيّاتهم» (١). «يحشر بعض الناس على صورة تحسن عندها القردة والخنازير» (٢). «كما يعيشون يموتون وكما ينامون يبعثون» (٣). فهذا هو مسخ البواطن من غير أن يظهر صورته في الظاهر فترى الصور أناسيّ ، وفي الباطن غير تلك الصور من ملك أو شيطان أو كلب أو خنزير أو أسد أو غير ذلك من حيوان مناسب لما يكون الباطن عليه.
وثالثها ـ ما يمسخ الباطن وينقلب الظاهر من صورته التي كانت إلى صورة ما ينقلب إليه الباطن لغلبة القوّة النفسانيّة ، حتّى صارت تغيّر المزاج والهيئة على شكل ما هو من صفته من حيوان آخر ، وهذا أيضا جائز بل واقع في قوم غلبت شقوة نفوسهم ، وضعفت قوّة عقولهم. ومسخ البواطن قد كثر في هذا الزمان كما ظهر المسخ في الصورة الظاهرة حسب ما قرأنا في بني إسرائيل ، كما قال سبحانه : (وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ) (٤) وقوله : (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (٥).
وأما مسخ صورة الباطن دون الظاهر ، فكقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في صفة قوم من أمّته : «إخوان العلانية أعداء السريرة ، ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم امرّ من الصبر ، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين وقلوبهم قلوب الذئاب» (٦) ، فهذا مسخ البواطن أن يكون قلبه قلب ذئب وصورته صورة إنسان والله العاصم من هذه القواصم» (٧) انتهى موضع الحاجة من كلامه.
وقال الشيخ في «الإشارات» بعد بيان أحوال النفوس الكاملة ، والمستعدّة للكمال
__________________
(١) بحار الأنوار ٧٠ / ٢٩٠.
(٢) بحار الأنوار ٧ / ٨٩.
(٣) المجلى / ٥٠٦ الطبعة الحجريّة ؛ وانظر بحار الأنوار ١٨ / ١٩٧.
(٤) المائدة (٥) : ٦٠.
(٥) البقرة (٢) : ٦٥ ؛ الأعراف (٧) : ١٦٦.
(٦) بحار الأنوار ٧٤ / ١٧٣.
(٧) الشواهد الربوبيّة ، ص ٢٣١ وفيه : انّ التناسخ عندنا ... وثانيها ... إلى بدن أخرويّ مناسب ... عليها صفاتها ... عند إثباتنا ... وظنّي أن ما قال ... أنوار الحكمة من الأنبياء سلام الله ... على صور صفاتهم الغالبة كقوله ... فترى الصور أناس وفي الباطن غير تلك ... لما يكون الباطن عليه ... حسبما قرأنا في بني إسرائيل ...