والآلام على اللذّات والآلام الحسّيّة الحيوانيّة ، كما يشعر به كلامه الآتي ، ويدلّ عليه كلامه في «الإشارات» كما سننقله.
وكذلك فيه تنبيه على أنّ لكلّ هذه القوى النفسانيّة ، وكذا كلّ اللذّات والآلام تشترك نوعا من الشركة في أنّ شعور تلك القوّة بموافقة تلك الأمور وملائمتها هو الخير واللذّة الخاصّة بها ، وأنّ موافق كلّ واحد منها بالذات والحقيقة هو حصول الكمال الذي هو بالقياس إليه كمال بالفعل ، وكذلك الحال في الألم ، فإنّه بضدّ ذلك. وإنّما قال : «فإنّ الشعور بموافقتها هو الخير واللذّة الخاصّة بها» ، تنبيها على أنّه إذا لم يكن هناك شعور بموافقتها وملائمتها لم يكن هناك لذّة ولا خير بالنسبة إلى تلك القوّة ، وأنّه إذا كان لها شعور بها كانت هناك لذّة ، ويعبّر عنها بالخير أيضا.
وإنّما قال : «وموافق كلّ واحد منها بالذات والحقيقة هو حصول الكمال الذي هو بالقياس إليه كمال بالفعل» ، تنبيها على أنّ الشعور بموافقة الموافق الذي هو اللذيذ والكمال للملتذّ إنّما يكون لذة إذا كان لها شعور بحصول ذلك اللذيذ والكمال ووصوله إليه ، وعلى أنّ ذلك الكمال أيضا يختلف ، فقد يكون كمالا في الواقع أو مقيسا إلى غير ذلك الملتذّ ، فحينئذ لا يكون الشعور بحصوله له لذّة ولا خيرا له ، وقد يكون كمالا بالقياس إليه بأن يعتقد كونه كمالا له ، سواء كان كمالا له في الواقع أو لم يكن ، فحينئذ يكون الشعور بحصوله له لذّة ، وعلى أنّ الكمال الذي يكون الشعور بحصوله له لذّة ينبغي أن يكون كمالا بالفعل لا بالقوّة. ومنه يتلخّص التنبيه على ماهيّة اللذّة ، حيث تلخّص أنّ اللذّة ـ ويعبّر عنها بالخير أيضا ـ هو الشعور بموافقة الموافق الذي هو حصول الكمال الذي هو كمال بالقياس إليه ، وهو كمال بالفعل. وكذلك يتلخّص منه التنبيه على ماهيّة الألم ، فإنّه بخلاف ذلك. وهذا الذي يظهر منه التنبيه على ماهيّة اللذّة والألم قريب ممّا ذكره في «الإشارات» في التنبيه على ماهيّتهما.
قال : «تنبيه أنّ اللذّة هي إدراك ونيل لوصول ما هو عند المدرك كمال وخير من حيث