الاستعمال ، فقد يكون الملحوظ هناك تبادر ذلك المعنى من كلامهم أو الرجوع إلى غيره من علائم الحقيقة ، كيف والبناء على أصالة الحقيقة مطلقا ليس معروفا بين أهل اللغة ولا منقولا عنهم في الكتب الاصوليّة!.
وقد ظهر بما ذكرنا ما قد يستدلّ به للقائل بأصالة الحقيقة في المتعدّد أيضا ، والوجه في تضعيفه ، إلّا أنّه لا ثمرة بين القولين إلّا في بعض الصور.
وتوضيح المرام : أنّه مع استعمال اللفظ في المعنيين إمّا أن يقوم بعض أمارات الحقيقة على وضعه لكلّ منهما أو بعض علائم المجاز على عدم تحقّق الوضع لشيء منهما ، أو تقوم الأمارة على كونه حقيقة في أحدهما مجازا في الآخر ، أو تقوم أمارة المجاز في أحدهما من غير قيام أمارة الحقيقة أو المجاز بالنسبة إلى الآخر ، أو تقوم أمارة الحقيقة في أحدهما كذلك ، أو لا يقوم شيء من الأمارتين على شيء من الأمرين.
فعلى الثلاثة الاول لا كلام وكذا على الرابع ، لخروجه أيضا عن محلّ الكلام ؛ لكونه من متّحد المعنى كما عرفت.
وعلى الخامس يحكم بالتجوّز في الآخر ، لأصالة انتفاء الوضع فيه وأغلبيّة المجاز وقلّة مؤنته وغير ذلك ممّا مرّ.
والثمرة بين القولين هنا ظاهرة وربّما يتوهّم خروجه عن محلّ البحث وهو ضعيف ؛ لإطلاق القائلين بالبناء على الحقيقة من غير إشارة إلى التفصيل.
وعلى السادس قد عرفت الحال فيه إلّا أنّه لا يتفرّع هنا ثمرة على القولين ، لوجوب التوقّف في فهم المراد مع انتفاء القرينة على الوجهين وتوقّف حمله على أحدهما على قيام القرينة في كلّ من المذهبين.
هذا ، وقد يحكى قولان آخران في المقام :
أحدهما : القول بتقديم المجاز على الحقيقة وظهور الاستعمال في المجاز في متّحد المعنى ومتعدّده ، فقد عزي إلى بعض المتأخّرين الميل إليه ، لما حكي عن ابن جنّي من غلبة المجاز على الحقيقة وأنّ أكثر اللغة مجازات ، فالظنّ يلحق المشكوك بالأعمّ الأغلب.