لا يقضي الظنّ به مع تعدّده ، كما هو المفروض في المقام ، مضافا إلى أنّ تلك الغلبة غير مفيدة للظنّ بالوضع مع شيوع التجوّز وكثرته أيضا.
وكون الأصل في الاستعمال الحقيقة مع تميّز الحقيقة من المجاز والشكّ في المراد لا يقضي بجريانه في صورة تميّز المعنى المراد ، والشكّ في الوضع ودعوى اتّحاد المناط في المقامين بيّن الفساد ؛ فإنّ قضيّة وضع اللفظ للمعنى بعد ثبوته هي الحمل عليه حتى يقوم دليل على خلافه ، إذ ذلك ثمرة الوضع وعليه بناء المحاورات من لدن آدم عليهالسلام إلى الآن ولولاه لما أمكن التفهيم والتفهّم إلّا بواسطة القرائن ، وفيه هدم لفائدة الأوضاع ، وأمّا بعد تعيّن المراد بالقرينة والشكّ في حصول الوضع له فأيّ دليل يقضي بثبوت الوضع هناك؟
والاستظهار المذكور مجرّد دعوى لا شاهد عليه ، غاية الأمر أن يسلّم ذلك في متّحد المعنى لما تقدّم في بيانه.
ودعوى كون الاستعمال بمنزلة الحمل على فرض تسليمها لا يفيد شيئا ؛ لما عرفت من أنّ الحمل وصحّته لا يدلّ على الحقيقة ، إلّا على بعض الوجوه ؛ ولذا لم يعدّوا ذلك من أمارات الحقيقة وإنّما اعتبروا عدم صحّة السلب.
وأمّا عن الثاني فبالمنع من جريان الطريقة على استعلام الحقائق المتعدّدة من مجرّد الاستعمال ، بل الظاهر حكمهم بها من الرجوع إلى أمارات الحقيقة أو ملاحظة الترديد بالقرائن ، وهي الطريقة الجارية في معرفة الأوضاع كما هو الحال في الأطفال في تعلّم اللغات، غاية الأمر أن يسلّم ذلك في متّحد المعنى. وكأنّ أحد الوجهين المذكورين هو الوجه فيما حكي عن ابن عباس والأصمعي.
نعم ، لو لم يكن هناك علاقة بين المعنيين أمكن الاستعلام من مجرّد الاستعمال ، وهو خارج عن محلّ الكلام.
وأمّا عن الثالث فبالفرق البيّن بين المقامين كما مرّ تفصيل القول فيه ، فقياس المتعدّد على المتّحد ممّا لا وجه له ، وكفى فارقا بين المقامين ما عرفت من ذهاب المعظم إلى دلالة الاستعمال على الحقيقة في الأوّل وإعراضهم عن القول به في