نعم ، هناك فرق بين وضع الأعلام الشخصيّة وغيرها من الحقائق العرفيّة ، نظرا الى وقوع الوضع فيها بحسب صناعة مخصوصة أو اصطلاح أقوام مخصوصين وعدم اعتبار ذلك في وضع الأعلام ، ولذا لا يتفاوت الحال فيها باختلاف الصناعات والاصطلاحات بل اللغات أيضا ، لعدم اختصاص الوضع فيها بشيء من ذلك ، ولا ينافي ذلك كونها عرفية خاصّة ، نظرا الى صدور الوضع فيها من خاصّ وتبعيّة غيره فيه. فتأمّل.
نعم ، ملاحظة ظاهر إطلاقاتهم يعطي خروج ذلك عن العرفيّة ، وعدم اندراجها في اللغويّة ظاهر ، فتكون واسطة بين الأمرين ، وكأنّه لعدم تعلّق غرض بها لم يعتنوا بشأنها ولم يجعلوها قسما برأسه ، وحينئذ ينبغي زيادة قيد آخر في حدّ العرفيّة هذه ليخرج ذلك عنها ، وربما يجعل ذلك مندرجا في العرفيّة مغايرا لأقسامها المعروفة ، ولا يخلو عن بعد.
وقد يقال بخروجها عن الحقيقة والمجاز وتجعل واسطة بينهما ، كما قد يعزى الى الرازي والآمدي ، وهو ضعيف جدّا ؛ لعدم انطباقه على شيء من حدود الحقيقة والمجاز الواردة في كلمات علماء الاصول والبيان ، وربما يؤول ما عزي اليهما بما يوافق المشهور.
ثمّ إنّ الحقيقة العرفيّة إمّا عامّة ، أو خاصّة ، والمناط في عموميّتها عدم استناد الوضع فيها الى عرف شخص مخصوص أو فرقة معيّنة ، وعدم كون وضعها في صناعة مخصوصة وحرفة معيّنة ـ مثلا ـ فخصوصيتها إمّا أن يكون لكون وضعها في عرف شخص معيّن أو فرقة معيّنة أو لكونه في صناعة مخصوصة ونحوها وإن لم يكن الوضع فيها مستندا الى خاصّ ، كما لو قلنا باستناد الوضع في الألفاظ الشرعيّة الى عامّة استعمالات أهل الشريعة الشامل لكافّة العرب بعد شيوع الإسلام ، فإنّه لا يجعلها عرفيّة عامّة ، فما يظهر من غير واحد من الأفاضل من اعتبار العموميّة والخصوصيّة بملاحظة من يستند الوضع اليه خاصّة ليس على ما ينبغي.