والقول بأنّ ذلك إنّما يتمّ على فرض إمكان وقوعه منه وهو ممنوع مدفوع بما هو ظاهر من عدم جواز تعلّق النهي بغير المقدور ، كما لا يصحّ تعلّق الأمر بما لا يقدر على تركه كالكون في المكان ، ولذا يقبح أن يقال للأعمى : لا تبصر ، وللإنسان : لا تطر ، ونحو ذلك فتعلّق النهي بها دليل على إمكان وقوعها.
والقول بالتزام التجوّز في لفظ الإعادة ، أو في مادّة النهي والخروج عمّا وضعت له مدفوع بكونه خلاف الظاهر ؛ لبعد التزام التأويل في جميع تلك الاستعمالات ، بل ربما يقطع بفساده ، سيّما مع عدم قيام دليل على الوضع للصحيحة ليبعث على ذلك ، وعلى فرض قيامه فلا ريب في كون الجري على الظاهر في تلك الاستعمالات الشائعة أظهر ، فهو بالترجيح أولى.
والجواب عن الأوّل أمّا أولا فبأنّ ذكر الإعادة في الأخبار وسائر الاستعمالات ليس مختصّا بما إذا وقع الفعل كاملا بحيث يصدق عليه الاسم ، بل كثيرا ما يطلق مع الإتيان ببعض الفعل بحيث لا يصدق عليه اسم تلك العبادة ، وإنّما يعدّ بعضا منه كما إذا صلّى ركعة من الظهر أو العصر أو بعضا منها وشكّ بين الركعة والركعتين أو طرأه غير ذلك من المفسدات ، فإنّه يقال : إنّه يعيد صلاته ، مع أنّ ما أتى به لم يكن مصداقا محقّقا من مصاديق الصلاة ، والفرق بين ذكر الإعادة في هذه المقامات وغيرها بالتزام التجوّز في المقام دون غيره بعيد جدّا ؛ إذ الظاهر كون الإطلاق في الجميع على نهج واحد.
والّذي يخطر بالبال في تصحيح ذلك أن يقال : إنّ صدق الإعادة لا يتوقّف على الإتيان بتمام الفعل أولا ، بل إذا تلبّس بفعل ودخل فيه ثمّ تركه فاستأنفه يقال : إنّه عاد الى ذلك الفعل وأعاده ، وليس القدر المتكرر منه إلّا البعض ، فذلك كاف عرفا في نسبة الإعادة الى مطلق ذلك ، والظاهر أنّه كذلك لغة أيضا ، ونظير ذلك واقع في غيرها من الألفاظ ، تقول : «ضربت زيدا ، ومسحت الجدار» ولم يقع الضرب والمسح إلّا على البعض منهما ، فنقصان بعض الأجزاء أو الشرائط وإن قضى بفساد العمل إلّا أنّه يصدق معه الإتيان ببعض ذلك العمل ، وهو كاف في