ويمكن دفعه بالفرق بين إيقاع الفعل بحسب قصد الفاعل وملاحظة إيقاعه ووقوعه بحسب الواقع.
توضيح ذلك : أنّ هناك حصولا للطبيعة في ضمن الفرد بحسب الواقع واعتبارا من الفاعل لايجادها في ضمنه ، وهو لا يستلزم الحصول بحسب الواقع ، فإنّ ذلك إن صادف الإتيان به في ضمن ما هو من أفراده بحسب الواقع كان هناك حصول لتلك الطبيعة بحسب الواقع وإلّا فلا ، والمنهي عنه في المقام إنّما هو الثاني دون الأوّل.
فإن قلت : إنّ ظاهر النهي بحسب الوضع هو طلب ترك نفس الطبيعة لا ترك القصد إلى إيقاعها في الخارج ولو في ضمن ما ليس بمصداقها ، وحمله على ذلك مجاز أيضا يأبى عنه شيوع تلك الاستعمالات.
قلت : المقصود أنّ أسامي العبادات موضوعة بإزاء الصحيحة والأفعال المطلوبة بالشريعة ، فإذا وقعت متعلّقة للنهي فالظاهر أيضا تعلّق النهي بتلك الأفعال ، غاية الأمر أنّه يرتفع عنها المطلوبية من جهة تعلّق النهي بها ، فمفاد تلك النواهي حرمة أداء ما يصحّ قبل النهي بعد تعلّقه بها فمادة النهي إذن مستعملة فيما وضعت له ، إلّا أنّه يلزم من تعلّق النهي بها خروج المنهي عنه عن كونه مصداقا لما وضع المبدأ له.
والمتحصّل من ذلك هو حرمة الفعل الملحوظ به أداء تلك العبادة الشرعية ، فكما أنّ الواجب قبل تعلّق النهي هو الفعل الملحوظ به أداء العبادة المخصوصة فكذلك هو المحرّم بعد تعلّق النهي به ، إلّا أنّه يلزمه الفساد في الثاني ، والخروج عن كونه مصداقا لتلك الطبيعة بحسب الواقع هو أمر آخر لا مدخل له بما استعمل اللفظ فيه حتّى يلزم استعماله في غير ما وضع له.
وأمّا ثانيا فبالتزام التجوّز في النواهي الواردة بحملها على إرادة الفساد دون التحريم ، لما ذكر من امتناع حصول الصحيحة ، فلا يتّجه الحكم بتحريمها ، فالمقصود من تلك النواهي الدلالة على فساد تلك الأعمال اللازمة من دلالتها