إنّما يتّصف به ذلك المصداق باعتبار طروّ المفسد عليه ، وإطلاق الصلاة عليه إنّما هو بالاعتبار الآخر ، أعني من جهة اعتبار المكلّف أداءه مستجمعة للأجزاء والشرائط ليتحقّق الطبيعة في ضمنه ، وقد يجعل البطلان أيضا متعلّقا بتلك الطبيعة من جهة وجودها نظرا الى منع المبطل عن وجودها وإطلاق الصلاة عليها باعتبار المفهوم الملحوظ حين الاستعمال حسب ما قرّرنا.
وعن الثالث أمّا أوّلا فبالمنع من استلزامه دلالة النهي على الصحّة ؛ إذ ذلك إنّما يتمّ إذا أمكن الإتيان بالماهية الصحيحة في ضمن المنهي عنه ، وأمّا مع استلزامه استحالة الإتيان به كذلك فمن أين يجيء الدلالة على صحّة المنهي عنه؟.
والقول بأنّ استحالة إتيانه حينئذ بالصحيح قاضية بقبح تعلّق النهي به حسب ما مرّ مدفوع بالفرق بين ما يستحيل الاتيان به من جهة تعلق النهي وما كان مستحيلا قبل تعلّقه، وما يقبح تعلّق النهي به إنّما هو الأول خاصّة ؛ لما فيه من الهذرية ، وأمّا الثاني فلا مانع منه لإفادة النهي إذن استحالة حصوله.
فإن قلت : إن استحالة صدور ذلك من المكلّف من الامور الواقعية بالنظر الى ملاحظة الشيء في نفسه وليست حاصلة بالنهي ، فما تعلّق النهي به مستحيل قبل تعلّقه.
قلت : ثبوت الأحكام الشرعية إنّما يتبع الأدلّة المنصوبة عليها من الشارع ، فلو لا تعلّق النهي بها كانت محكومة بصحّتها في الشريعة ، نظرا الى إطلاق الأوامر بعد ثبوت الماهية بظاهر الأدلّة الشرعية ، وإنّما يحكم بفسادها من جهة تعلّق النهي بها ، فالقاضي بفسادها عندنا واستحالة وقوعها صحيحة في ظاهر الشرع إنّما هو النهي عنها.
ويشكل ذلك بأنّ المفروض كون النهي المتعلّق بذلك للتحريم ، والمفروض استحالة وقوع ذلك المحرّم في الخارج بحسب الواقع سواء نهى عنه الشارع أو لا ، فيكون الحكم بحرمته هذرا ، فلا فائدة إذن في النهي سوى إعلام المكلّف بذلك من تعلّق النهي به فلا يكون النهي إلّا إرشاديا هذا خلف.