وقيدا فيه على أن يكون القيد خارجا والتقييد داخلا ، وأقصى ما يلزم في المقام هو الثاني ، والفرق بينه وبين الجزء في كمال الوضوح وإن اشتركا في لزوم الانتقال اليهما عند تصوّر المفهوم على سبيل التفصيل ، وبذلك يفترق الحال بينها وبين الشرائط العقلية الخارجية ممّا لا يمكن حصول المطلوب في الخارج إلّا بها حيث إنّه لا يلزم الانتقال اليها من تصوّر المشروط بها أصلا ، بل يمكن أن يقال : إنّ الحال فيها أيضا كذلك ، إذ لا يلزم من القول بوضعها للصحيحة ملاحظة الشرائط أصلا ولو بكونها قيدا في الموضوع له ، إذ قد يكون الملحوظ في الوضع هو تلك الأجزاء من حيث كونها حسنة مطلوبة أو من حيث كونها صحيحة مبرئة للذمّة ونحو ذلك ، فغاية الأمر حينئذ أن لا يمكن وقوعها في الخارج إلّا مع استجماعها للشرائط ولا ربط لذلك بالانتقال الى الشرائط بتوسّطها.
ثمّ إنّه قد أيّد بعض الأفاضل هذا القول بامور :
منها : اتفاق الفقهاء على أنّ أركان الصلاة هي ما تبطل الصلاة بزيادتها عمدا أو سهوا ، ومن البيّن أنّه لا يمكن زيادة الركوع ـ مثلا ـ عمدا إلّا عصيانا ، ولا ريب في كونه منهيا عنه ومع ذلك يعدّ ركوعا حقيقة لا صورة الركوع ، لوضوح عدم بطلان الصلاة بإيجاد الصورة كمن انحنى بمقدار الركوع للهوي الى السجود أو لأخذ شيء من الأرض.
وفيه : خروج نحو الركوع والسجود عن محلّ البحث لكونها من الألفاظ اللغوية وليست معانيها من الماهيات الجعلية الشرعية ، كما أشرنا اليه في أوّل المسألة.
ولو سلّم كونها من المعاني المستحدثة فليست الألفاظ المذكورة من أسامي العبادات وإنّما هي أسام لأجزاء العبادة ، ومن البيّن أنّه لا يتعلّق هناك أمر بالخصوص حتّى يعتبر فيها الصحّة والفساد ، واعتبار الأمر المتعلّق بالكلّ في أوضاع تلك الأجزاء ممّا يستبعد جدّا ، ومع الغضّ عنه فعدم اعتباره هناك لا يفيد عدم اعتباره في محلّ البحث مع الفرق البيّن بينهما.