المتعلّق بأفعال المكلّفين ، وعلى ما يعمّ الأحكام الخمسة الشرعيّة ، وعلى ما يعمّها والوضعيّة التي منها : السببيّة والشرطيّة والمانعيّة والصحّة والبطلان ، وإذا لو حظت وجوه العلم مع وجوه الأحكام ارتقى الاحتمالات إلى عشرين ، والصحيح منها وجوه عديدة.
وتوضيح الحال : أنّ الأوّل والثاني من وجوه العلم لا مانع من إرادته في المقام ، وأمّا الثالث فلا يرتبط بالأحكام ، وأمّا الرابع فهو وإن صحّ ارتباطه بالأحكام إلّا أنّه لا يلائم الظرف الواقع بعده ، إذ الملكة إنّما تحصل من المزاولة والممارسة ، ولا تحصل من الأدلّة التفصيليّة. ويمكن أن يصحّح ذلك بجعل الظرف من متعلّقات الأحكام أو التصديق المتعلّق للملكة المذكورة حسبما يأتي الإشارة إليه.
وأمّا وجوه الأحكام فلا يصحّ إرادة الأوّل منها في المقام ، إذ لا يرتبط به العلم بأحد المعاني المذكورة ، ضرورة أنّه لا محصّل للتصديق بالتصديقات ولا لملكة التصديق بالتصديقات، وكذا لو اريد به مطلق الإدراك أو ملكته ؛ على أنّ مرجعه إلى التصديق.
فما ذكره المحقّق الشريف وتبعه بعض الأفاضل من تفسير الأحكام بالتصديقات ليس على ما ينبغي. ويمكن تصحيحه بحمل «العلم» على مطلق الملكة المجرّدة عن التصديق ، فيصحّ تعلّقه بالتصديقات.
ويبعّده : أنّ المعروف في حمل «العلم» على الملكة هو إرادة ملكة العلم منه تنزيلا للقوّة القريبة منزلة الفعل ، لا الملكة المطلقة ليعلم تعلّقها بالعلم من متعلّقها ، إلّا أنّ الظاهر أنّ إطلاق «العلم» على مجرّد الملكة وارد في الاستعمالات أيضا ، كما يقال : فلان عالم بالصياغة أو الحياكة أو النجارة (١) ، ويراد به حصول تلك الملكة له ، فالظاهر صحّة إطلاقه عليها ، سيّما إذا كان ما اطلق عليه من ملكات
__________________
(١) في المطبوع [١] : التجارة.