فالظاهر وهنه كما أشار إليه الفاضل المذكور ، وليس هناك قرينة على إطلاقه في آية التفقّه على ذلك كما ادّعاه بعضهم. وإن أرادوا أنّه كان إطلاقا معروفا في ذلك العصر في الجملة فليس بالبعيد ، وفي غير واحد من الأخبار شهادة عليه ، كقوله عليهالسلام : «لا يفقه العبد كلّ الفقه حتى يمقت الناس في ذات الله تعالى ، وحتّى يرى للقرآن وجوها كثيرة ، ثم يقبل على نفسه ، فيكون لها أشدّ مقتا» (١).
وكيف كان ، فثبوت الحقيقة الشرعية في أحد المعاني المذكورة غير معلوم حتّى يتعيّن حمل إطلاق الكتاب والأخبار عليه ، بل واستعماله في خصوص المعنى المصطلح غير معلوم أيضا. نعم قد يستظهر إطلاقه عليه من بعض الروايات.
ثم إنّه بعد انتشار علم الفقه وتدوينه في الكتب في عصر الصادقين عليهماالسلام لا يبعد القول بحصول النقل في الجملة.
ثم إنّه قد فرّع المحدّث المتقدّم على ما مرّ ذكره مسألة النذر والوصيّة فيما لو نذر أو أوصى لمن تكلّم في مسألة فقهيّة ، فإن قلنا بخروج الضروريّات عن الفقه لم يثبت ذلك لمن تكلّم في إحدى تلك المسائل ، وإلّا ثبت له ذلك.
وفيه : أنّ الإطلاقات العرفيّة إنّما تنصرف إلى معانيها المتداولة في المحاورات الجارية دون الاصطلاحات العلميّة ، سواء كانت مأخوذة عن الأئمة عليهمالسلام أو لا ، وإنّما يتمّ ما ذكره على فرض اتحاد معناه الاصطلاحي والمعنى العرفي الشائع بين الناس ، لكنّه محلّ تأمّل.
قوله : (هو العلم بالأحكام)
قد شاع إطلاق العلم على امور : خصوص التصديق اليقيني ، ومطلق الإدراك الشامل له وللتصور ، ونفس المسائل المبيّنة في العلوم ، أي : المعلومات بالعلوم التصديقية وهي النسب التامّة المغايرة للتصديقات بالاعتبار ـ كما بيّن في محلّه ـ وعلى الملكة التي يقتدر بها على استنباط المسائل.
ويطلق الحكم على التصديق ، وعلى النسبة التامّة الخبريّة ، وعلى خطاب الله
__________________
(١) عدّة الداعي : ص ٢١٨ ، بتفاوت.