إنّه مفهوم من الأخبار وكلام الأئمة الأطهار عليهمالسلام ، ومن تتبّع كلامهم لم يختلجه شكّ ولا ريب في ذلك.
وأنت خبير بأنّ ما ادّعاه في المقام غير ظاهر ، أقصى الأمر إطلاق الفقه في الكتاب والأخبار على العلم بالأحكام الشرعيّة في الجملة ، وبمجرّد ذلك لا يثبت كون ذلك من المعاني الشرعيّة ، بل يمكن حمل عدّة منها ـ بل كلّها ـ على المعنى اللغوي ، ويكون إطلاقها على علم الشريعة من قبيل إطلاق الكلّي على الفرد ؛ وليس في كلامهم ما يفيد كون ذلك معنى شرعيا ، ولا ادّعوه في المقام ، كيف! والتعبير عنه بالاصطلاح ـ كما في الكتاب وسائر تعبيرات الأصحاب ـ شاهد على خلافه.
وقد احتمله المحدّث المذكور في بعض رسائله وقطع به في موضع آخر ، ونصّ على أنّ ذلك معنى جديد بين المجتهدين ، قال : وإطلاقه المتكثّر في الأخبار هو البصيرة في أمر الدين. وعلى هذا فلا وجه للمناقشة المذكورة ، إذ لا مشاحة في الاصطلاح.
نعم ، قد أنكر بعض فضلاء المتأخّرين كون المعنى المذكور من المعاني الاصطلاحيّة الطارئة ، لئلّا يحمل عليه إطلاق الشارع ، ونصّ على أنّ إطلاق الفقه والتفقّه على معرفة الأحكام عن أدلّتها غير عزيز في الأخبار ، مشهور في الصدر السابق.
وظاهر كلامه يومئ الى دعوى الحقيقة الشرعيّة فيه. ثمّ إنّه ذكر أخبارا كثيرة ذكر فيها لفظ «الفقه» أو «التفقّه» مستشهدا بها على ذلك ، وليس في شيء منها صراحة في إرادة خصوص المعنى المذكور ، بل المنساق من كثير منها هو المعرفة بأحكام الدين كما أشرنا إليه. ثمّ إنّه شدّد النكير على جماعة من الأعلام حيث ادّعوا أنّ اسم الفقه في الصدر السابق إنّما يطلق على علم الآخرة ... الى آخر ما مرّ.
قلت : إن أراد الجماعة انحصار إطلاقه المعروف في الصدر السابق في ذلك