على الفروع كعقابهم على الأصول ؛ وإن كانوا غيرهم لم يكن اثبات الويل لقوم بسبب تكذيبهم منافيا لذمّ قوم بتركهم ما امروا به.
وعن الثاني : بانّه تعالى رتّب الذمّ على مجرّد مخالفة الأمر ، فدلّ على أنّ الاعتبار به ، لا بالقرينة.
إحتجّ القائلون بأنّه للندب بوجهين :
أحدهما : قوله صلىاللهعليهوآله : «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم». وجه الدلالة : أنّه ردّ الاتيان بالمأمور به إلى مشيّتنا ، وهو معنى الندب.
واجيب بالمنع من ردّه إلى مشيّتنا ، وإنّما ردّه إلى استطاعتنا ، وهو معنى الوجوب.
وثانيهما : أنّ أهل اللّغة قالوا : لا فارق بين السؤال والأمر إلّا بالرتبة ؛ فانّ رتبة الآمر أعلى من رتبة السائل ؛ والسؤال إنّما يدلّ على الندب ؛ فكذلك الأمر ، إذ لو دلّ الأمر على الايجاب لكان بينهما فرق آخر. وهو خلاف ما نقلوه.
وأجيب : أنّ القائل بكون الأمر للايجاب ، يقول : إنّ السؤال يدلّ عليه أيضا ؛ لأنّ صيغة «إفعل» عنده موضوعة لطلب الفعل مع المنع من الترك ، وقد استعملها السائل فيه. لكنّه لا يلزم منه الوجوب ؛ إذ الوجوب إنّما يثبت بالشرع ، ولذلك لا يلزم المسؤول القبول. وفيه نظر.
والتحقيق : أنّ النقل المذكور عن أهل اللغة غير ثابت ، بل صرّح بعضهم بعدم صحّته.
حجّة القائلين بأنّه للقدر المشترك : أنّ الصيغة استعملت تارة في الوجوب ، كقوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) ، وأخرى في الندب ، كقوله : «فكاتبوهم» ، فان كانت موضوعة لكلّ منهما لزم الاشتراك. أو لأحدهما فقط لزم المجاز ؛ فيكون حقيقة في القدر المشترك بينهما ، وهو طلب الفعل ، دفعا للاشتراك والمجاز.