لجواز الاستعمال فيه في الجملة عند الجميع ولو على سبيل المجاز ولا قبح فيه أصلا. نعم لو كان الاستعلاء منفيا في ذلك المقام أيضا فربما أمكن ما ذكر ، إلّا أنّه لا يفيد المدّعى بل يوافق ما اخترناه.
وإن اريد به الثاني فهو لا يفيد المنع اللغوي بل فيه شهادة على الاكتفاء فيه بالاستعلاء نظرا الى كون القبح فيه من جهة استعلائه على الأمير المخالف للتأدّب معه ، ألا ترى أنّه لو طلب شيئا من الأمير على جهة الاستعلاء صحّ أن يقال له على جهة الإنكار : «أتأمر الأمير من غير استقباح».
حجّة القول باعتبار الأمرين ظهور لفظ «الأمر» عرفا في علوّ الآمر ، إذ هو المفهوم في العرف من قولك : «أمر فلان بكذا» فإذا انضمّ الى ذلك ما يرى من عدم صدق الأمر مع استخفاضه لنفسه دلّ على عدم الاكتفاء في صدقه بمجرّد العلوّ ، فيعتبر الاستعلاء معه أيضا ، والحاصل : أنّه يدّعى فهم العرف منه حصول العلوّ والاستعلاء معا.
وفيه : ما لا يخفى ودلالة إطلاق الأمر على علوّ الآمر بحسب الواقع لا ينافي وضعه لما يعمّ علوّه في نظره واعتباره بعد شهادة العرف به ، فالتبادر المدّعى إن سلّم إطلاقي كما لا يخفى.
وربما يحتجّ لذلك بما يأتي من وضع لفظ «الأمر» للوجوب ، وهو يتوقّف على علوّ الآمر واستعلائه ، إذ لا يتحقق الوجوب إلّا مع تحقّقهما.
وضعفه ظاهر بملاحظة ما يأتي إن شاء الله تعالى.
حجّة القائل بعدم اعتبار شيء من الأمرين قياسه على الخبر وقوله تعالى حكاية عن فرعون : (فَما ذا تَأْمُرُونَ)(١) وقول عمرو بن العاص لمعاوية : «أمرتك أمرا حازما فعصيتني» وقول الآخر ليزيد بن المهلب :
أمرتك أمرا حازما فعصيتني |
|
فأصبحت مسلوب الإمارة نادما |
__________________
(١) سورة الأعراف : ١١٠ والشعراء : ٣٥.