غاية ما يحتمله ذلك ، إذ لا معنى لحرمة الحذر عن العذاب بناء على احتمال كون الأمر المذكور تهديدا على حصول الحذر.
قوله : (إنّما يحسن عند قيام المقتضي للعذاب)
إن أراد أنّ حسن الحذر في الظاهر متوقّف على العلم بحصول المقتضي بحسب الواقع فهو ممنوع ؛ إذ احتمال القيام كاف في المقام ، سواء اريد بالحذر المأمور به في الآية الاحتياط والتحرّز عن الوقوع في المكروه ، أو مجرّد الخوف من إصابته.
وإن أراد توقّفه على قيام المقتضي للعذاب ولو على سبيل الاحتمال فلا يفيد التقرير المذكور إلّا قيام احتمال إرادة الوجوب ، فغاية ما يفيده الآية رجحان العمل بالمأمور به ، نظرا الى احتمال كونه للوجوب ، وأقصى ما يستفاد من ذلك إن سلّم عدم كون الأمر حقيقة في خصوص الندب مجازا في غيره ، لعدم احتمال إرادة الوجوب حينئذ نظرا الى حقيقة اللفظ ، ولا دلالة فيه إذن على دفع الاشتراك لفظيا أو معنويا.
ومن هنا ينقدح إيراد آخر على الاستدلال على فرض كون الأمر فيها للوجوب ، إذ قد يكون إيجاب الحذر من جهة قيام احتمال الوجوب واحتمال الوقوع في العذاب فأوجب الحذر دفعا لخوف الضرر.
فمحصّل الآية عدم الأخذ بالأصل في المقام ولزوم الاحتياط ، وأين ذلك من دلالة الأمر بنفسه على الوجوب؟ كما هو المدّعى.
وقد يوجّه كلامه بأنّ المراد قيام المقتضي للعذاب وإن كان مقتضيا لاحتمال العذاب للاكتفاء بذلك في الدلالة على الوجوب ، نظرا الى انتفاء احتمال العذاب على تقدير عدم الوجوب لقبح الظلم عليه تعالى.
وقد يناقش فيه بأنّ أقصى ما يسلّم في المقام انتفاء الاحتمال المذكور على فرض عدم كون الأمر موضوعا للوجوب أو لما يشمله ، وأمّا لو كان مشتركا بين الوجوب وغيره أو موضوعا للقدر المشترك فاحتمال العذاب قائم ، نظرا الى