فيتوقّف على كون الأمر للوجوب ، فالإيراد عليه بأنّ كون الأمر بالحذر للتهديد لا يتوقّف على كونه للوجوب ـ ضرورة كون التهديد إنشاء ، والإيجاب إنشاء آخر لا ربط لأحدهما بالآخر ، فمنع كون الأمر للوجوب ليس داخلا في شيء من المقدّمات المأخوذة في الاستدلال ـ ليس على ما ينبغي.
نعم ، يمكن الإيراد عليه بأنّ فهم التهديد في المقام ليس منحصرا في ذلك ؛ إذ يصحّ استفادته من المقام فإنّ المقام مقام التحذير والتهديد ، ولا يبعد حمل الأمر فيه على الإنذار وبيان كونه المخالفة باعثة على استحقاق العقوبة أو إصابة الفتنة ، كما في قولك : «فليحذر الشاتم للأمير أن يضربه» وقد يحمل على التهكّم أو التعجيز فيفيد التهديد أيضا.
قوله : (إذ لا معنى لندب الحذر عن العذاب أو إباحته)
إذ لو كان هناك استحقاق للعذاب كان الحذر واجبا ، وإلّا كان لغوا وسفها لا يقع الأمر به من الحكيم ، ففي المادّة دلالة على كون الهيئة هنا لإفادة الوجوب وإن لم نقل بوضعها له.
واورد عليه بأنّه إنّما يتمّ بالنسبة الى العذاب المحقّق وقوعه أو عدمه ، وأمّا بالنسبة الى المحتمل فلا ، بل قد وقع مثله في الشرع كثيرا مثل ندب ترك الطهارة بالماء المشمّس ، للحذر عن البرص ، وندب تفريق الشعر ، للحذر عن احتمال التفريق بمنشار النار.
ويدفعه أنّ احتمال قيام المقتضي للعذاب غير كاف في ذلك ، فإنّه إن ثبت هناك مقتض للعذاب فذاك وإلّا قبح العذاب من الحكيم حسب ما يأتي الإشارة اليه في كلام المورد إن شاء الله تعالى وإن كان ما ذكره محلّ كلام ، فمجرّد الاحتمال في بادئ الرأي غير كاف في المقام حتّى يحسن الحذر من جهته ، لما عرفت من انتفائه بعد عدم ثبوت مقتضيه.
قوله : (فلا أقلّ من دلالته على حسن الحذر)
إمّا لاشتراك الأقوال المذكورة في إفادة الجواز ولو بضميمة الأصل ، أو لأنّ