البعد ، فتندفع بذلك المناقشة المذكورة.
نعم ، يرد عليه أنّه لا دلالة في ذلك على مفاد الصيغة وإنّما غايته الدلالة على كون لفظ «الأمر» للوجوب.
ومن ذلك خبر السواك المشهور الوارد من الفريقين ، وهو قوله عليهالسلام : «لو لا أن أشقّ على امتي لأمرتهم بالسواك» مع تواتر طلبه على سبيل الندب.
وأورد عليه في الإحكام بأن قوله : «أنّ أشقّ» قرينة على كون المراد بالأمر في قوله : «لأمرتهم» هو الأمر الإيجابي ، إذ لا تكون المشقّة إلّا في الإيجاب ، نظرا الى إلزام الفاعل بأدائه.
ولا يذهب عليك أنّ ما ذكره بعد تسليمه خروج عن ظاهر الرواية والتزام لتقييد الإطلاق من غير قرينة عليه ، فإنّه كما يصحّ أن يكون ذلك قرينة على التقييد كذا يصحّ أن يكون شاهدا على كون الأمر للوجوب ، كما هو ظاهر إطلاقه وعليه مبنى الاستدلال.
نعم ، يرد عليه ما تقدّم من عدم دلالته على إفادة الصيغة للوجوب ، كما هو المدّعى.
وقد يدفع ذلك بنحو ما مرّت الإشارة اليه.
ومن ذلك قوله صلىاللهعليهوآله لأبي سعيد الخدري حيث لم يجب دعاءه صلىاللهعليهوآله وهو في الصلاة: «أما سمعت قوله تعالى» : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ)؟ الآية (١) ، فظاهر توبيخه يعطي كون أمره للوجوب ، وكذا احتجاجه على وجوب الإجابة بمجرّد الأمر الوارد في الآية الشريفة.
واجيب عنه بأنّ القرينة على وجوب الأمر المذكور ظاهرة حيث إنّ فيه تعظيما لله تعالى وللرسول صلىاللهعليهوآله ودفعا للإهانة والتحقير الحاصل بالإعراض ، كذا في الإحكام ، وهو على فرض تسليمه إنّما يفيد حمل الأمر الوارد في الآية الشريفة على الوجوب ، وأمّا دلالته على كون الدعاء على سبيل الوجوب فلا ،
__________________
(١) سورة الانفال : ٢٤.