عليه ، وهو أعمّ من كونها موضوعة لذلك أو حقيقة فيه خاصّة ؛ إذ قد يكون ذلك من جهة قضاء قرائن عامّة على حملها على ذلك مع كونها موضوعة لمطلق الطلب ، أو كونها مشتركة بين المعنيين ، كما اختاره في وضعها بحسب اللغة.
وقد بنى بعض المتأخّرين على الوجه المذكور ، فقال : إنّ غاية ما يقتضيه الإجماع المذكور ، هو الحمل على الوجوب ، واختار كون الصيغة لغة وشرعا لمطلق الطلب بل جعل كثيرا من الأدلّة المذكورة للقول بكون الأمر للوجوب من الآيات الشريفة وغيرها شاهدا على الحمل على الوجوب وقرينة عامّة قائمة عليه ، مدّعيا أنّ ذلك أقصى ما يستفاد منها دون الوضع للوجوب حسب ما ادّعوه ، كما مرّت الإشارة اليه.
وأنت خبير ببعد الدعوى المذكورة ؛ إذ لو كان ذلك مستفادا من القرائن الخارجية لم يستندوا فيه الى مجرّد الأمر ولوقع الإشارة منهم ولو تارات الى دليله.
وكون ذلك من الامور الواضحة عند الجميع حتّى لا يحتاج الى إقامة الدليل عليه ممّا يستبعد جدّا ، سيّما بعد ملاحظة الأدلّة ، إذ لا يوجد في الشريعة دليل ظاهر يدلّ على لزوم حمل الأوامر الشرعية على الوجوب ، وما احتجوا به من الآيات قد عرفت ما يرد عليه.
وتارة بأنّه لا دلالة في الإجماع المدّعى على استناد الفهم المذكور الى نفس اللفظ ، بل قد يكون من جهة ظهور الطلب في الوجوب كما هو معلوم من فهم العرف أيضا بعد الرجوع الى المخاطبات العرفية حسب ما مرّ بيانه.
وثالثا : أنّه إذا دلّ الإجماع على كونه حقيقة في عرف الشرع في الوجوب خاصّة ، فقضية أصالة عدم تعدّد الاصطلاح وعدم تحقّق الهجر أن يكون كذلك بحسب اللغة أيضا.
نعم ، لو دلّ دليل على الاشتراك بحسب اللغة توجه ما ادّعاه من الفرق ، إلّا أنّ المفروض عدم استناده في ثبوت الاشتراك بحسب اللغة الى ما يزيد على مجرّد الاستعمال وهو لا يعارض الدليل الدالّ على المجازية ، وقضية الأصل إذن ثبوت ذلك بحسب اللغة أيضا ، لأصالة عدم اختلاف الحال في اللفظ إلّا أن يقوم دليل