الحدّ المذكور على ما اختاره المصنّف رحمهالله في تفسير العلم.
وأيضا القائل بعدم التجزّي في المسائل الاجتهاديّة إنّما يقول به في هذه الأعصار ونحوها لتوقّف معرفة الأحكام حينئذ على الاجتهاد واستفراغ الوسع من صاحب الملكة ، وأمّا بالنسبة إلى عصر الإمام عليهالسلام فلا كلام في إمكان العلم ببعض الأحكام دون الباقي ، فإنّ من أخذ بعض الأحكام عنه بالمشافهة مثلا يجوز له العمل به قطعا ، إذ لا يقصر الإمامعليهالسلام عن المجتهد الذي يؤخذ عنه الأحكام ، فكيف يقال بعدم انفكاك العلم بالبعض عن الكلّ؟
والحاصل : أنّه يقول بعدم جواز التجزّي في الاجتهاد ، لا بعدم إمكان المعرفة ببعض المسائل دون بعض مطلقا.
ومع الغضّ عن ذلك فلا يذهب عليك أنّ ما ذكره من عدم انفكاك العلم بالبعض عن العلم بالكلّ لو صحّ فلا يقضي بتصحيح الحدّ وإن ارتفع به النقض المذكور على التقدير المفروض ، إذ ليس الفقه عبارة عن العلم بمسألة واحدة أو ثلاث مسائل ، بل هو كسائر أسماء العلوم اسم للمسائل المتكثّرة التي يجمعها وحدة أو العلم بتلك المسائل ، إذ الظاهر أنّ أسماء العلوم ليست من قبيل أسماء الأجناس الصادقة على القليل والكثير كالماء الصادق على القطرة والبحر على حدّ سواء ، بل الكثرة ملحوظة في مفهومها معتبرة في وضعها ، كما هو ظاهر من ملاحظة إطلاقاتها ، فعدم الانفكاك بين الأمرين ليس مصلحا للحدّ ولا مصحّحا لحمله على المحدود ، كما لا يخفى.
قوله : (فالعلم المذكور داخل في الفقه)
إن عنى به صدقه عليه مواطاة فضعفه ظاهر ، لما عرفت من عدم صدق أسامي العلوم على مسألة واحدة أو ثلاث من مسائلها ، ولا اختصاص لاسم الفقه في الاصطلاح من بين سائر أسماء العلوم. وإن أراد به صدق كونه من الفقه ومن جملة مسائله ـ كما يومئ إليه التعبير بدخوله في الفقه ـ فمسلّم ، ولا يفيد شيئا في تصحيح الحدّ ، إذ أقصى ما يفيده كون المتجزّئ عالما ببعض الفقه وكون ذلك حجّة