عليه ، ولا يقضي ذلك بصدق الفقه على علمه ولا كونه فقيها في الاصطلاح.
فظهر بذلك أنّه لا دخل لجواز التجزّي في صدق اسم الفقه ، بل إنّما يفيد كون المتجزّئ عالما ببعض مسائله ، فيكون إذا كمن عرف مسألة أو ثلاثا من النحو فيصدق عليه أنّه عارف ببعض النحو ، ولا يلزم منه صدق «النحوي» عليه ولا صدق «النحو» على علمه بخلاف ما لو قلنا بعدم التجزّي إذ لا يكون حينئذ عالما بشيء من الفقه ، وبذلك يحصل الفرق بينه وبين غيره من أسامي العلوم.
قوله : (إذ المراد بالعلم بالجميع التهيّؤ له)
قد يشكل ذلك من جهة عدم ارتباط الأدلّة حينئذ بالعلم بالمعنى المذكور ، إذ ليست الملكة والتهيّؤ حاصلة عن الأدلّة التفصيليّة ، وإنّما تحصل عن الممارسة ، ولو جعلت متعلّقة بالأحكام أشكل الحال في اخراج علوم المذكورين من جهة التقييد بها ، إلّا أن يقال بخروجها عن الجنس أو يجعل الأحكام بمعنى التصديقات على ما مرّت الإشارة إليه ، أو يجعل من متعلّقات متعلّق الملكة المذكورة ، أعني ملكة العلم بالأحكام عن الأدلّة ، فيكون قوله : «عن أدلّتها» متعلّقا بالعلم الّذي تعلّقت به الملكة المذكورة ، ولا يخلو شيء من الوجهين المذكورين عن بعد ، كما لا يخفى.
هذا ، وقد اورد عليه : بأنّ التهيّؤ لاستعلام جميع الأحكام كحصول العلم بالجميع فعلا متعذّر أو متعسّر أيضا ، لحصول التوقّف والتحيّر من فحول الفقهاء في كثير من المسائل ولو بعد استفراغ الوسع وبذل الجهد. وحصول قوة قويّة بحيث لا يتوقّف في شيء من الأحكام بعد بذل الوسع ممّا لا يتحقّق في العادات ، فالإيراد على حاله ؛ كذا أورده شيخنا البهائي رحمهالله.
وقد يجاب عنه : بأنّ التوقّف في المسألة إنّما يكون لانتفاء الدليل رأسا أو لضعف الأدلّة الناهضة أو لتصادم بعضها للبعض لا من جهة ضعف في القوّة ، بل قد يكون زيادة القوّة باعثة على زيادة الإشكال في المسألة من جهة سعة الباع الباعثة على استخراج سائر وجوه الاستنباط وتقوية سائر الاحتمالات الضعيفة