في المعنى الذي عيّن له لفظ المضاف أعني وصفه العنواني ؛ وإنّما خصّصوا ذلك باسم المعنى ـ وإن كان إضافة اسم العين مفيدة للاختصاص عندهم ـ نظرا إلى عدم تعيّن ما به الاختصاص في تلك الأسماء ، فيختلف ذلك بحسب اختلاف الألفاظ كما في «دار زيد» و «حمار عمرو» ونحوهما ، بخلاف اسم المعنى ، فإنّ وجه الاختصاص متعيّن هناك ، فانّ قولك : «مكتوب زيد» و «مملوك عمرو» إنّما يفيد الاختصاص في وصفه العنواني أعني : المكتوبيّة والمملوكيّة. واستندوا في الدعوى المذكورة إلى تبادر ذلك بحسب العرف كما هو ظاهر من ملاحظة المثالين المذكورين ونحوهما ، فقالوا حينئذ : إنّ إضافة «الاصول» إلى «الفقه» تفيد اختصاص الاصول بالفقه في كونها اصولا له ، فيخرج عنه سائر العلوم ممّا يبتني عليه الفقه ، إذ ليست تلك العلوم ممّا يخصّ الفقه في توقّفه عليها ، لتوقّف غيره من العلوم أيضا عليها.
وأمّا علم الاصول وإن كان كثير من مسائله جاريا في غير الفقه أيضا إلّا أنّه لمّا كان تدوينه ووضعه لخصوص الفقه كان له اختصاص به بحسب التدوين ، فيصحّ لذلك أن يقال باختصاصه بالفقه ، فينطبق على معناه العلمي ، فيصير المفهوم المذكور معرّفا رسميّا له ، لاشتماله على خاصّته ، وبذلك يصحّ عدّ معناه الإضافي حدّا لهذا الفنّ.
ويمكن المناقشة في ذلك ـ مع ما فيه من التكلّف ـ بأنّه مبنيّ على ما ادّعوه من إفادة الإضافة الاختصاص ، وهو على إطلاقه محلّ منع.
وتوضيح الكلام فيه : أنّ مفاد الإضافة هو انتساب المضاف بالمضاف إليه نسبة ناقصة ، والمستفاد من إضافة اسم المعنى هو انتسابه إليه في خصوص وصفه العنواني ، كما هو الظاهر من التأمّل في استعمالاته العرفيّة ، وحينئذ فإن كان انتسابه إلى المضاف إليه مانعا من انتسابه إلى غيره بأن لم يكن ذلك العنوان قابلا للانتساب إلى شيئين كما في «مملوك زيد» و «مكتوب عمرو» إذ لا يمكن أن يكون جميع ذلك الشيء مملوكا أو مكتوبا لشخصين أفاد الاختصاص ، وكان