وفيه : أنّ اندراج بعض تلك القواعد في الفقه لا يقضي بخروجها عن الحد ، إذ لم يؤخذ فيه عدم اندراج تلك القواعد في الأحكام الفرعيّة ، إلّا أن يقال : إنّ الظاهر من اعتبار كونها ممهّدة لاستنباط الأحكام الفرعيّة أن لا تكون هي من جملة الأحكام الفرعية ، لكن في اندراج جميع ما تقرّر من القواعد الفقهيّة لاستنباط الأحكام الفرعيّة في الاصول تأمّل.
وقد يجعل التقييد بالفرعيّة مخرجا لعلم الدراية ، فإنّها موضوعة لاستنباط الأحكام الشرعيّة أصليّة كانت أو فرعيّة ، إذ المقصود منها معرفة الحديث ، وهو يعمّ النوعين.
وفيه : أنّ الملحوظ هناك معرفة الحديث لا خصوص استنباط الأحكام الشرعيّة ، ومن البيّن أنّ الحديث يعمّ الوارد في الأحكام الشرعيّة وغيرها من القصص ونحوها وإن كان معظم ما يراد منها الأحكام الشرعيّة بل خصوص الفرعية.
هذا ، وذكر بعض الأفاضل أنّ التقييد بالممهّدة يخرج علم المنطق والعربية وغيرهما ممّا يستنبط منها الأحكام ، ولكن لم يمهّد لذلك ، وبالأحكام ما يستنبط منها الماهيّات الشرعيّة كالصلاة والصيام ونحوهما وغيرها مثل صفاتها كصلاة الظهر والنكاح الدائم والطلاق الرجعي ونحوها ، فإنّ معرفتها ليست من مسائل الفقه حتّى تكون قواعد الاصول ممهّدة لاستنباطها ، بل هي من مبادئه وإن ذكرت في طيّ مسائله ، فمثل مباحث الحقيقة الشرعيّة ، وجواز إجراء الأصل في إثبات ماهيّة العبادات ـ ونحو ذلك ممّا يبحث عنه في علم الاصول ـ وإن كان يستنبط منها الماهيّات ، لكنّها لم تمهّد لمعرفة الماهيّات من حيث إنّها هي ، بل لما يترتّب عليها من الأحكام.
ولا يذهب عليك ما فيه :
أمّا إخراج المنطق والعربيّة بقيد «الممهّدة» فظاهر الوهن ، لوضوح كون جميع العلوم المدوّنة من الامور الممهّدة ، فكيف يعقل خروج شيء منها بذلك؟ نعم ، بعد تقييدها بقوله: «لاستنباط الأحكام الشرعيّة» يخرج ذلك حسب ما أشرنا إليه ،