يَا هِشَامُ ، لَادِينَ لِمَنْ لا مُرُوءَةَ (١) لَهُ ، وَلَا مُرُوءَةَ لِمَنْ لَاعَقْلَ لَهُ (٢) ، وَإِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ قَدْراً الَّذِي لَايَرَى الدُّنْيَا لِنَفْسِهِ خَطَراً (٣) ، أَمَا إِنَّ (٤) أَبْدَانَكُمْ لَيْسَ لَهَا ثَمَنٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ ، فَلَا تَبِيعُوهَا (٥) بِغَيْرِهَا.
يَا هِشَامُ ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام كَانَ يَقُولُ : إِنَّ مِنْ عَلَامَةِ الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ (٦) فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ : يُجِيبُ إِذَا سُئِلَ ، وَيَنْطِقُ إِذَا عَجَزَ الْقَوْمُ عَنِ (٧) الْكَلَامِ ، وَيُشِيرُ بِالرَّأْيِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ صَلَاحُ أَهْلِهِ ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنْ هذِهِ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ شَيْءٌ ؛ فَهُوَ أَحْمَقُ ؛ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام قَالَ (٨) : لَايَجْلِسُ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ (٩) إِلاَّ رَجُلٌ فِيهِ هذِهِ الْخِصَالُ الثَّلَاثُ ، أَوْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهُنَّ فَجَلَسَ ، فَهُوَ أَحْمَقُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليهماالسلام : إِذَا طَلَبْتُمُ الْحَوَائِجَ ، فَاطْلُبُوهَا مِنْ (١٠) أَهْلِهَا ، قِيلَ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، وَمَنْ أَهْلُهَا؟ قَالَ : الَّذِينَ قَصَّ (١١) اللهُ فِي كِتَابِهِ وَذَكَرَهُمْ ، فَقَالَ : ( إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (١٢) قَالَ : هُمْ أُولُو الْعُقُولِ.
__________________
(١) المروءة والمروّة : الإنسانية وكمال الرجولية. وقال العلاّمة المجلسي : « وهي الصفة الجامعة لمكارم الأخلاقومحاسن الآداب ». راجع : مرآة العقول ، ج ١ ، ص ٦٣ ؛ الصحاح ، ج ١ ، ص ٧٢ ؛ المغرب ، ص ٤٢٦ ( مرأ ).
(٢) وذلك لأنّ من لا عقل له لا يكون عارفاً بما يليق به ويحسن ، وما لا يليق به ولا يحسن ؛ فقد يترك اللائق ويجيء بما لا يليق ، ومن يكون كذلك لا يكون ذا دين. حاشية ميرزا رفيعا ، ص ٥٧.
(٣) « الخطر » بمعنى الحظّ والنصيب ، والقدر والمنزلة ، والسَبَق الذي يتراهن عليه ، والكلّ محتمل. مرآة العقول ، ج ١ ، ص ٦٣ ، الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٤٨ ( خطر ).
(٤) في « ألف » وشرح صدر المتألّهين : ـ « إنّ ».
(٥) في « ج » : « فلا يطيعوها ». وفي « ف » : « فلا يتّبعوها ».
(٦) في « ض » : « أن تكون ».
(٧) في حاشية « ج » : « من ».
(٨) في « ف ، بح ، بس » : « قال أمير المؤمنين عليهالسلام » بدل « إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال ».
(٩) في حاشية « ج » : « المجالس ».
(١٠) في « بح » : + « قِبَل ».
(١١) في « ألف ، ف » وحاشية « ج ، بح » : « نصّ ».
(١٢) الزمر (٣٩) : ٩.