وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام : مُجَالَسَةُ (١) الصَّالِحِينَ دَاعِيَةٌ إِلَى الصَّلاحِ (٢) ، وَإِدْآبُ (٣) الْعُلَمَاءِ زِيَادَةٌ فِي الْعَقْلِ ، وَطَاعَةُ وُلَاةِ الْعَدْلِ (٤) تَمَامُ الْعِزِّ ، وَاسْتِثْمَارُ (٥) الْمَالِ تَمَامُ الْمُرُوءَةِ ، وَإِرْشَادُ الْمُسْتَشِيرِ قَضَاءٌ لِحَقِّ النِّعْمَةِ ، وَكَفُّ الْأَذى مِنْ كَمَالِ الْعَقْلِ ، وَفِيهِ رَاحَةُ الْبَدَنِ عَاجِلاً وَآجِلاً.
يَا هِشَامُ ، إِنَّ الْعَاقِلَ لَايُحَدِّثُ مَنْ يَخَافُ تَكْذِيبَهُ ، وَلَا يَسْأَلُ مَنْ يَخَافُ مَنْعَهُ ، وَلَا يَعِدُ (٦) مَا لَايَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَلَا يَرْجُو مَا يُعَنَّفُ بِرَجَائِهِ (٧) ، وَلَا يُقْدِمُ (٨) عَلى مَا يَخَافُ
__________________
(١) في « ب ، بر » وحاشية « بح ، بس » : « مجالس ».
(٢) في « بر » : « الإصلاح ».
(٣) في « ش ، بو ، بس ، بف ، جح » وحاشية « ض ، بح » ومرآة العقول : « أدب ». وفي « ب ، ف » والمطبوع : « آداب ». وفي « ألف ، ج ، ض ، و ، بح » : « اداب ». وفي « بر ، بع » : « إدْآب ». وهو الذي رجّحناه وأثبتناه في المتن ، وفاقاً للمحقّق الشعراني. والإدآب : مصدر من الدأب وهو بمعنى الجدّ والتعب ، والعادة والملازمة والدوام ، والأنسب في المقام الملازمة والدوام ، كما يستفاد ممّا قاله المحقّق الشعراني : « والأنسب عندي ـ بعد فرض صحّة الكلمة ـ أن يقرأ « إدآب العلماء » مصدر باب الإفعال من دأب ؛ يعني الإلحاح والسؤال المتتابع ، والإصرار في ملازمتهم ، والتشرّف بخدمتهم ، واستنباط المعارف منهم ، والدأب : التتابع والتكرّر ». راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ١٢٣ ؛ لسان العرب ، ج ١ ، ص ٣٦٨ ؛ مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ٥٤ ( دأب ) ، شرح المازندراني ، ج ١ ، ص ٢٤٣.
(٤) وفي حاشية « ب » : « الأمر ».
(٥) قال المجلسي : « واستثمار المال ، أي استنماؤه بالتجارة والمكاسب دليل تمام الإنسانيّة وموجب له أيضاً ؛ لأنّه لا يحتاج إلى غيره ، ويتمكّن من أن يأتي بما يليق به ». وبعبارة أخرى قوله عليهالسلام : « واستثمار المال ... ». يشير إلى أنّه « لمّا كانت التجارة تتولّد منها حركة في المجتمع ، وتنشأ منها منفعة للجميع ، وبذلك يربو ماله في التجارة ، وليست المروءة إلاّ الإنسانية ، وهي حبّ الخير للغير والنظر في المصلحة العامّة ». انظر : مرآة العقول ، ج ١ ، ص ٦٤ ؛ الشافي للمظفّر ، ج ١ ، ص ١٢٢.
(٦) قرأ الصدر الشيرازي في شرحه كلمة « يعدّ » بالتشديد. ورَدَّ المازندراني ذلك واستظهر أن تكون مصحّفةً ، وقال : « وكأنّه قرأ يعدّ ـ بشدّ الدال ـ من الإعداد ، والظاهر أنّه تصحيف ». وقال الفيض في الوافي : « الأظهر فيه التخفيف وإن قرئ بالتشديد ».
(٧) أي أنّ العاقل لا يرجو فوق ما يستحقّه ولا يتطلّع إلى ما لا يستعدّه. كذا في الوافي ، ج ١ ، ص ١٠٦.
(٨) في « ج ، ب ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » وحاشية « ف » وشرح صدر المتألّهين والوافي : « ولا يتقدّم ».