الثّانية : أنّ الاحتياط قد ينجرّ إلى تكرار العبادة والامتثال الإجماليّ ، وأنت ترى ، أنّ التّكرار مع فرض التّمكن من الامتثال التّفصيليّ بتحصيل العلم التّفصيليّ لعب بأمر المولى ، وهو ينافي قصد الامتثال المعتبر في العبادة ، فلا يعقل إذا تحقّق الطّاعة بالاحتياط.
والجواب عنه ، ما عن المحقّق الخراساني قدسسره من أنّ التّكرار ليس فيه لعب بأمر المولى ، بل ربما يكون بداع عقلائيّ ؛ مع أنّه لو لم يكن بهذا الدّاعي وكان أصل إتيانه بداعي أمر المولى بلا داع له سواه ، لما كان منافيا لقصد الامتثال وإن كان لاغيا في كيفيّة امتثاله ، بل يحسن الاحتياط ـ أيضا ـ فيما قامت الحجّة على البراءة عن التّكليف لئلّا يقع فيما كان في مخالفته على تقدير ثبوته من المفسدة وفوت المصلحة. (١)
الثّالثة : أنّ الاحتياط ينافي قصد الوجه والجزم في النّيّة ؛ بداهة ، أنّه لا يحصل إلّا بالعلم التّفصيليّ.
والجواب عنه ، أنّه لا دليل على اعتبار قصد الوجه والجزم في النّيّة عقلا ولا شرعا ؛ إذ الأمر لا يدعو إلّا إلى ما تعلّق به ، فلو أتى المكلّف ، المأمور به بجميع أجزاءه وشرائطه مع قصد التّقرّب والإخلاص ، سقط الأمر وحصل الامتثال ولو لم يقصد الوجه ولم يأت به مع الجزم في النّيّة ؛ وذلك ، لعدم تعلّق الأمر بمثل قصد الوجه ، وهذا واضح.
نعم ، قام الإجماع على اعتبار قصد الوجه في العبادة ، وهذا كما ترى.
هذا تمام الكلام في أصالة الاحتياط (الاشتغال).
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٢٥٥.