الاصوليّة ، وحيث إنّ الاستصحاب دخيل فيهما ، فتصير من مسائل علم الاصول لا محالة.
ولقد أجاد المحقّق العراقي قدسسره فيما أفاده في المقام ، حيث قال : «إنّ مسائله حيث يرجع إلى صنفين ، صنف منها لوحظ فيه الحكاية والكشف عن الواقع ولو ناقصا وكان من شأنه الوقوع في طريق استنباط الأحكام الكلّيّة والوظائف النّفس الأمريّة ، كالأمارات ، وصنف آخر منها لم يلاحظ فيه هذه الجهة بل كان ممّا ينتهي إليه الفقيه في مقام العمل في ظرف الجهل بالواقع واستتاره ، كالقواعد العمليّة ، شرعيّة أو عقليّة ، وكان لكلّ من الصّنفين دخل في الغرض الّذي لأجله دوّن هذا العلم ، كان الاستصحاب لا محالة على جميع المسالك معدودا من مسائل علم الاصول ، بل من أهمّ مباحثه». (١)
وبالجملة : فرق واضح بين المسائل الاصوليّة والقواعد الفقهيّة ، فإنّ المسائل الاصوليّة كحجّيّة خبر الواحد ، أو الظّهور ، وكعدم جواز نقض اليقين بالشّكّ وحكم الشّرع ببقائه من حيث الجري العمليّ وأمثالها ، كبريات لا تكون بنفسها متعلّقة لعمل المكلّف ، بل يستفاد منها أحكام متعلّقة بعمله ، كالوجوب والحرمة ، ونجاسة الماء المتمّم كرّا بطاهر ونحوها ؛ وهذا بخلاف القواعد الفقهيّة ، فإنّ مفادها نفس الحكم الكلّيّ الفرعيّ الّذي ينطبق على الموارد الكثيرة الجزئيّة انطباق الكلّي على أفراده ، والطّبيعيّ على مصاديقه ، كقاعدة الفراغ والتّجاوز واليد والحلّ والطّهارة ونحوها.
__________________
(١) نهاية الأفكار : ج ٤ ، ص ٧.