دلالتها من حيث الضّيق والسّعة ، فنقول مستعينا بالله تبارك وتعالى :
قد استدلّ على حجيّة الاستصحاب بوجوه أربعة :
الأوّل : دعوى السّيرة القطعيّة العقلائيّة في العمل على وفق الحالة السّابقة ، بل استقرّت سيرة الحيوانات ـ أيضا ـ عليه ، فهي تمشى وتذهب إلى المرتع والمرعى السّابق وترجع إلى مراحها كذلك.
وهذا الوجه يبحث عنه من ناحيتين :
الاولى : من ناحية الصّغرى وأنّ هذه السّيرة ، هل هي ثابتة ، أم لا؟
الثّانية : من ناحية الكبرى وأنّها على تقدير ثبوتها ، هل تكون حجّة ، أم لا؟
أمّا النّاحية الاولى : فالتّحقيق فيها عدم ثبوت هذه السّيرة من جانب العقلاء ، بل هم يعملون على طبق الحالة السّابقة ، إمّا للاطمينان بالبقاء بحيث لو زال الاطمئنان لم يعملوا ، أو للاحتياط والرّجاء ، أو لغفلتهم عن البقاء ، ولعلّه من هذا القبيل جري الحيوانات على وفق الحالة السّابقة.
وأمّا النّاحية الثّانية : فالتّحقيق فيها ثبوت حجّيّة السّيرة ، حيث إنّ الشّارع لم يردع عنها ، وعدم الرّدع ـ مع القدرة عليه ـ دليل على القبول والرّضا.
ودعوى الرّدع بالآيات النّاهية عن العمل بغير علم مندفعة :
أوّلا : بورود تلك الآيات في اصول الدّين ؛ ثانيا : بأنّ الرّدع بها لا يتأتّى إلّا بوجه دائر على ما تقدّم في مبحث حجيّة خبر الواحد.
الوجه الثّاني : دعوى كون اليقين بحدوث شيء في زمان سابق موجبا للظّن ببقائه عند الشّكّ في بقاءه ، فيجب العمل على طبقه.