هذا ، ولكن يستشكل (١) على هذا الاستدلال بما محصّله : أنّه ليس المراد من «اليقين» في المكاتبة هو اليقين السّابق ، بل المراد منه هو اليقين بدخول شهر رمضان ، كما أنّ المراد من الشّكّ ليس هو الشّكّ اللّاحق ، بل المراد منه هو الشّكّ في دخول شهر رمضان.
بتقريب : أنّ صوم شهر رمضان عبادة مهمّة ، لا يكتفى فيها بالرّأي والظّنّ ، دخولا وخروجا ، بل لا بدّ في إحراز وجوبه والدّخول فيه من اليقين والرّؤية ، فلا يجب إلّا مع اليقين ، ولا يدخل المشكوك فيه في المتيقّن ، وهكذا الإفطار ، وأين هذا من الاستصحاب.
ويستشهد على ذلك ، بعدّة من الرّوايات الدّالّة على أنّه لا يصام يوم الشّكّ بعنوان أنّه من شهر رمضان ، وأنّ الصّوم فريضة لا بدّ فيها من اليقين ولا يدخلها الشّكّ ، كرواية محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إذا رأيتم الهلال فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ، وليس بالرّأى ولا بالتّظنّي ولكن بالرّؤية». (٢)
وربما يؤيّد هذا الإشكال ، بأنّ قوله عليهالسلام : «اليقين لا يدخل فيه الشّكّ» (٣) ظاهره أنّ يوم الشّكّ لا يدخل في شهر رمضان ، بمعنى : عدم دخول المشكوك في المتيقّن ، لا عدم دخول نفس الشّكّ كي يقتضي معنى عدم نقضه لليقين ، فدعوى ظهوره في الاستصحاب وأنّ اليقين لا ينقض بالشّكّ ، بعيدة ؛ لغرابة هذا الاستعمال ، فتأمّل.
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٢٩٦ و ٢٩٨.
(٢) وسائل الشّيعة : ج ٧ ، كتاب الصّوم ، الباب ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان ، الحديث ٣ ، ص ١٨٢ ، وراجع ، الحديث ٦ ، ص ١٨٣ ، والحديث ١١ ، ص ١٨٤.
(٣) راجع ، فوائد الاصول : ج ٤ ، ص ٣٦٦.