وأمّا التّأييد بأنّ معنى قوله عليهالسلام : «اليقين يدخل فيه الشّكّ» هو عدم دخول يوم الشّكّ في رمضان ، وأنّ دعوى ظهور هذه الجملة في عدم نقض اليقين بالشّكّ كي يكون دليلا على الاستصحاب بعيدة لغرابة هذا الاستعمال ، فمردود ، بأنّ دعوى غرابة الاستعمال المذكور ممّا لا تساعده اللّغة ، كيف ، وأنّ دخول شيء في شيء يوجب تفكيك أجزاءه المتّصلة ، وهذا معنى نقضه وانثلامه وانبتات هيئته الاتّصاليّة ، ألا ترى ، أنّ العلماء أرادوا من كلمة : «مدخول» في قولهم : «هذا الدّليل مدخول» معنى :
«منقوض» ، بل قد ورد هذا الاستعمال بعينه في الصّحيحة الثّالثة المتقدّمة لزرارة ، حيث قال عليهالسلام : «ولا يدخل الشّكّ في اليقين ولا يخلط أحدهما بالآخر ...».
ومنها : صحيحة عبد الله بن سنان ، قال : «سأل أبي ، أبا عبد الله عليهالسلام وأنا حاضر ، أنّي اعير الذّمي ثوبي وأنا أعلم أنّه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير ، فيردّه عليّ ، فأغسله قبل أن اصلّي فيه؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : صلّ فيه ولا تغسله من أجل ذلك ، فإنّك أعرته إيّاه وهو طاهر ولم تستيقن أنّه نجّسه ، فلا بأس أن تصلّي فيه حتّى تستيقن أنّه نجّسه». (١)
تقريب الاستدلال بها على حجّيّة الاستصحاب هو أنّ الإمام عليهالسلام حكم بطهارة الثّوب واستند ذلك إلى الاستصحاب ، لا قاعدة الطّهارة ، حيث إنّه عليهالسلام أشار ـ في مقام التّعليل ـ إلى طهارته السّابقة المتيقّنة وعدم الاستيقان بتنجيسه ، لا إلى عدم العلم بنجاسته بعد كونه طاهرا حتّى يكون موردا لقاعدة الطّهارة.
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ٢ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٧٤ من أبواب النّجاسات ، الحديث ١ ، ص ١٠٩٥.