والنّسيان ، بل مقتضى طبيعة الإنسان هو الالتفات والذّكر حال العمل ، ونتيجة ذلك ، أنّ الفراغ عن العمل يكون من الأمارات العرفيّة النّوعيّة (المضاة شرعا) الكاشفة عن عدم وقوع النّسيان والغفلة في العمل وأنّه صدر عن المكلّف تامّا بلا نقيصة.
والشّاهد على ذلك ، قوله عليهالسلام : «هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ» (١) ، وقوله عليهالسلام : «وكان حين انصرف أقرب إلى الحقّ منه بعد ذلك». (٢)
ولا ريب : في أنّ كاشفيّة قاعدة الفراغ عن عدم وقوع النّسيان أو الغفلة ، يتوقّف على فرض احتمالهما ، دون العلم بهما وقت العمل ، كما هو المفروض في الفرع الأوّل ، فالقاعدة لا تجري فيه كي يكون حاكمة على الاستصحاب.
وأمّا الاستصحاب فهو وإن كان لا يجري حال الغفلة وحين الدّخول في العمل ، حيث إنّه لا شكّ فعليّا في تلك الحال ، لكن لا مانع من جريانه بعد العمل ، فيجري استصحاب الحدث ويحكم ببطلان الصّلاة المأتي بها ، كما يجري بالنّسبة إلى الصّلوات الآتية. هذا بناء على كون قاعدة الفراغ من الأمارات العقلائيّة. هذا كلّه في الفرع الأوّل.
الفرع الثّاني : من أحدث والتفت قبل الصّلاة وشكّ في بقاء حدثه ، ثمّ غفل وصلّى ، فقد حكم الشّيخ الأنصاري قدسسره والمحقّق الخراساني قدسسره ببطلان صلاته فيما إذا قطع بعدم تطهيره بعد الشّكّ ، تعليلا بأنّه كان شاكّا بالفعل قبل الصّلاة ، فكان محدثا
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ١ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٧ ، ص ٣٣١ و ٣٣٢.
(٢) وسائل الشّيعة : ج ٥ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٢٧ من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة ، الحديث ٣ ، ص ٣٤٣.