أحدهما : كون ثبوت المشكوك الثّاني من الآثار الشّرعيّة للأصل السّببيّ حتّى يصير الأصل السّببيّ رافعا للشّكّ المسبّبيّ تعبّدا ، فلا يجري الأصل المسبّبيّ حينئذ لانتفاء موضوعه تعبّدا وهو الشّكّ ؛ وذلك ، كما في استصحاب الطّهارة بالنّسبة إلى قاعدتها ، حيث إنّ موضوع قاعدة الطّهارة وهو الشّكّ ، ينتفي تعبّدا باستصحاب الطّهارة ، فتثبت الطّهارة المشكوك بقاءها بالاستصحاب الحاكم على قاعدة الطّهارة تعبّدا ، ومعه لا مجال للقاعدة ؛ ثانيهما : كون انتفاء المشكوك الثّاني من الآثار الشّرعيّة للأصل السّببيّ الحاكم ؛ وذلك ، كما في تطهير ثوب متنجّس ـ مثلا ـ بماء مستصحب الطّهارة ، حيث إنّ طهارة هذا الثّوب تكون أثرا شرعيّا مترتّبا على استصحاب طهارة الماء ، ولولاه لكان ثوب المفروض مجرى لاستصحاب النّجاسة.
إذا عرفت هذا ، تعريف : أنّ المقام ليس من هذا القبيل ؛ إذ ليس عدم بقاء الكلّيّ المشكوك بقاءه من الآثار الشّرعيّة لأصالة عدم حدوث الفرد الطّويل ، بل إنّما هو من الآثار العقليّة لها ، وعليه ، فلا حكومة لها على استصحاب الكلّيّ ، فيندفع الإشكال على القسم الثّاني من الاستصحاب الكلّيّ.
لا يخفى : أنّ هذين الجوابين (أوّلا وثانيا) لا يخلو عن الجودة والمتانة.
بقى هنا جوابان آخران عن الإشكال :
الجواب الأوّل : أنّ بقاء الكلّيّ والقدر المشترك إنّما هو بعين بقاء الخاصّ والفرد الطّويل الّذي في ضمنه ، نظرا إلى أنّ الكلّيّ عين الفرد ، لا أنّه من لوازمه ، فلا سببيّة ومسبّبيّة في البين ، بل عينيّة وهو هويّة. (١)
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٣١٢.